اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 344
ولا يخالف ذلك ما ذكروه عن الشافعي [1] أن التدليس يثبت بمرة لأنا نقول: هذا مسلم ولكن محله حيث تكون تلك المرة تدليسًا بأن تكون بقصد الإبهام، والأمثلة التي ذكرها مسلم لم تكن كذلك بدليل
إجماعهم على أن أولئك الذين وقعت منهم تلك الأمثلة ليسوا مدلسين) [2] .
ومما يجب التنبيه عليه هنا أن من لم يصفه أحد أئمة الجرح والتعديل بالتدليس فلا ينبغي أن يوصف بذلك، فإن بعض الرواة يقع فيما يروونه ما يتطابق مع تعريف التدليس، ولم نجد من الأئمة من وصفهم، كما هو الحال في رواية سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإنه لم يسمع منه إلا القليل وروى عنه الكثير، ولم أجد من وصف سعيدًا بالتدليس رغم وجود صورة التدليس فيما رواه؛ فلا يجوز لأحد أن يصف راويًا بالتدليس إلا من وصفه الأئمة من أهل الحديث بالتدليس.
ويبقى سؤال حول من عرف بالإرسال هل يكون حكمه حكم المدلس عند مسلم في عدم الاكتفاء بمعاصرته وضرورة البحث عن سماعه فيمن روى عنهم؟
الحقيقة أن مسلمًا لم يتطرق لهذا في كلامه، ولكن القياس الصحيح يملي علينا أن نجعل من عرف بالإرسال وهو التحديث بما لم يسمعه أن يكون حكمه حكم المدلس لأنهما يشتركان في التحديث بما لم يسمعا، فيكون احتمال الإرسال قويًا فيمن عرف بالإرسال، ويجب أن ينزل منزلة المدلس من حيث عدم الاكتفاء بمعاصرته وضرورة البحث عن سماعه قياٍسًا على كلام مسلم في المدلس لاشتراكهما في علة الحكم.
ويؤيد ذلك قول العلائي: (حكم المدلس حكم المرسل) [3] .
ويؤيده أيضًا قول المعلمي في رواية القاسم بن مخيمرة عن أبي سعيد الخدري: (لقاء القاسم لأبي سعيد مظنون، وبما أنه روى عنه بالعنعنة وهو ثقة غير [1] انظر الرسالة للشافعي (ص379) . [2] التنكيل (1/82) . [3] جامع التحصيل (ص132) .
اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 344