اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 310
ولاشك أن مسلمًا رحمه الله تعالى قد كتب مقدمة "صحيحه" قبل الشروع في تأليفه لا بعده، كما هو صريح قوله في مقدمته [1]: 46-48 " ... وظننت حين سألتني تجشم ذلك، أن لو عزم لي عليه، وقضي لي تمامه، كان أول من يصيبه نفع ذلك إياي خاصة قبل غيري من الناس ... ، ثم إنا إن شاء الله مبتدءون في تخريج ما سألت، وتأليفه على شريطة سوف أذكرها لك، وهو أنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنقسمها على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات من الناس على غير تكرار ... ". انتهى.
وقال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 12: 404، في ترجمة الإمام البخاري رحمه الله تعالى:
"قال أبوعبد الله الحاكم: أول ما ورد البخاري نيسابور سنة تسع ومائتين - وكانت سنة حينئذ 15سنة-، ووردها في الأخير سنة خمسين ومائتين، فأقام بها خمس سنين يحدث على الدوام". انتهى.
فاستفيد من هذا كله أن مسلمًا لما صاحب البخاري في نيسابور، وأدام الاختلاف إليه، ولازمه كل الملازمة خمس سنوات من سنة 250 إلى سنة 255، كان منتهيًا من تأليف كتابه "الصحيح"، وفيه مقدمته التي فيها هذا الكلام الشديد، فلا يعقل أبدًا أن يكون البخاري هو المعني بهذه اللهجة الشديدة، التي لا تطاق معها مقابلة ولا لقاء، فضلاً عن الصحبة والملازمة خمس سنين، بل إن مسلمًا قد قاطع شيخه وبلديه: محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري، من أجل البخاري لما ورد نيسابور، ووقف منه محمد بن يحيى الذهلي ذلك الموقف المعروف.
فهل يعقل ممن يناصر البخاري هذه المناصرة، ويقول له: "لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك، ودعني أقبل رجلك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، ويا طيب الحديث في علله": أن يصفه بتلك الصافت النابزة، والأقوال القاسية، والكلمات الجارحة، ويتصاحبا مع ذلك دهرًا طويلاً: خمس سنين؟ هذا فضلاً عن أن البخاري خارج من البين في هذه المسألة، على ما بينه الحافظ ابن كثير، وشيخ الإسلام البلقيني وغيرهما) [1] . [1] التتمة الثالثة الملحقة بكتاب "الموقظة" (ص138-140) .
اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 310