اسم الکتاب : منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث المؤلف : بشير علي عمر الجزء : 1 صفحة : 387
ابن تيمية فذكر أنه نوع من الهجر، بدليل أنه قد صرّح بتوثيق بعض من ترك الرواية عنه ـ يعني من أصحاب الرأي ـ كأبي يوسف ونحوه[1]، يعني إن ترك الإمام أحمد لأحاديث أهل الرأي كان من أجل هجرة المخالف للسنة، وليس من أجل ضعف حديثهم، وعليه فلا يؤخذ من موقفه هذا دليل على سوء حفظ أهل الاختصاص بالفقه والرأي[2].
وأما من حيث الأحاديث التي أعلها الإمام أحمد بهذا الوجه من وجهي دخول الخطأ من أجل الرواية بالمعنى، فلم أقف إلا على حديث واحد ذكره ابن رجب في شرحه على صحيح البخاري[3] عند الكلام على حديث هشام ابن عروة، عن أبيه عن عائشة في حديثها عن حجها وفيه: قالت عائشة: وكنت أنا ممن أهلّ بعمرةٍ، فأدركني يومُ عرفةَ وأنا حائضٌ فشكوتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "دعي عمرتَك وانقُضي رأسَك وامتَشِطي وأهلِّي بحَجٍّ" [4] فقال أحمد: "من رواه [انقُضي عمرتَك] فقد أخطأ، ورواه بالمعنى الذي فهمه".
ولم أقف على تلك الرواية التي أشار إليها الإمام أحمد، لكن الظاهر أنه من بعض من يرى رأي أهل الكوفة. قال ابن رجب: وذلك أن قول أبي حنيفة [1] المسودة في أصول الفقه ص239. [2] وحتى موقف الإمام أحمد من معلى بن منصور الذي ذُكر أنه يصلح مثالاً أو دليلاً عن أحمد لهذه القاعدة قد ورد ما يدل على أن تركه له كان أيضاً من باب هجران المخالف لا من باب الضعف في الرواية، فقد روى أبو زرعة الرازي قال: رحم الله أحمد بن حنبل، بلغني أنه كان في قلبه غصص من أحاديث ظهرت عن المعلى بن منصور، كان يحتاج إليها، وكان المعلى أشبه القوم ـ يعني أصحاب الرأي ـ بأهل العلم، وذلك أنه كان طلابة للعلم، ورحل وعُني به فتصبّر أحمد عن تلك الأحاديث، ولم يسمع منه حرفاً، وأما علي بن المديني وأبو خيثمة وعامة أصحابنا فسمعوا منه، المعلى صدوق تاريخ بغداد 13/189. [3] فتح الباري لابن رجب 1/478. [4] أخرجه البخاري صحيح البخاري 1/417 ح317، ومسلم 2/872 ح1211.
اسم الکتاب : منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث المؤلف : بشير علي عمر الجزء : 1 صفحة : 387