اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 125
يشكل الجميع وصوبه الإمام القاضي عياض، ولا سيما للمبتدئ وغير المتجر في العلم فإنه لا يميز ما يشكل مما لا يشكل، وقد تكون الكلمة غير مشكلة عند شخص، ومشكلة عند شخص آخر وينبغي أن يكون اعتناؤه بضبط الأعلام أكثر، لأنها لا تدرك بالمعنى، ولا يستدل عليها بما قبلها، ولا بما بعدها، ويستحب ضبط الكلمة المشكلة التي يخشى تصحيفها، أو الخطأ فيها في أصل الكتاب، ثم يضبطها قبالة[1] ذلك في الحاشية، فإن ذلك أبلغ؛ لأن المضبوط في نفس الأسطر ربما داخله نقط غيره وشكله مما فوقه أو تحته، لا سيما عند ضيق الأسطر، ودقة الكتابة، والأحسن في الضبط في الحاشية أن يفرق حروف الكلمة المشكلة، لأن بعض الحروف الموصولة يشتبه بغيره كالنون، والياء التحتية مثلا، قال ابن دقيق العيد في "الاقتراح"[2]: "من عادة المتقين أن يبالغوا في إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة في الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا" ويوجد هذا في المخطوطات القديمة.
ويستحب تحقيق الخط وتوضيحه دون مشق وتعليق[3] روي عن الفاروق عمر رضي الله عنه أنه قال: "شر الكتابة المشق، وشر القراءة الهذرمة[4]، وأجود الخط أبينه" ويكره تدقيق الخط لأنه لا ينتفع به من في نظره ضعف، وربما تصحف عليه، قال الإمام أحمد بن حنبل لابن عمه حنبل بن إسحاق، وقد رآه يكتب خطا دقيقا: "لا تفعل أحوج ما تكون إليه يخونك" نعم، إن كان هناك ضرورة من ضيق الورق وتخفيف الحمل في السفر ونحوهما فلا بأس. [1] أي إزاء. [2] هو الإمام تقي الدين محمد بن علي بن دقيق العيد المتوفى في سنة اثنتين وسبعمائة وهو من كبار علماء مصر، وله كتاب في علوم الحديث يسمى "الاقتراح". [3] المشق: الإسراع في الكتابة، لأنه وسيلة للخطأ والتصحيف، والتعليق: خلط الحروف التي ينبغي تفريقها، وهو أيضا مظنة التصحيف والخطأ. [4] الإسراع بحيث تخفى بعض الحروف، ولا تأخذ حقها في النطق.
اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 125