غَيْرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ.
= التكفير، وهو وضع اليد على الصدر، مؤمل بن إسماعيل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده على صدره، فقد روى هذا الحديث عبد الله بن الوليد عن سفيان لم يذكر ذلك، ورواه شعبة، وعبد الواحد لم يذكرا خالفاً، كذا سفيان، اهـ.
فكلام ابن القيم هذا أرشدنا إلى أمور: إن زيادة: على صدره، لم يذكرها إلا مؤمل عن سفيان عن عاصم بن كليب عن وائل بن حجر، وأن مؤمل منفرد من بين جماعة من أصحاب الثوري بهذه الزيادة، وأن ما سواه من أصحاب الثوري، وهي جماعة لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة، فهذه الزيادة عنده، وهم مؤمل، ثم ذكر في بدائع الفوائد أن السنة الصحيحة وضع اليدين تحت السرة، وحديث علي في هذا صحيح، وأن وضع اليدين على الصدر منهي عنه بالسنة، وهي المنهي عن التكفير.
وقد ذكر قبل أن ابن القيم ينقل عن صحيح ابن خزيمة أحاديث بأسانيدها، فلو كان عند ابن خزيمة بإسناد آخر أقوى من هذا لما قال ابن القيم ما قال، ولما سكت الحافظ. والنووي عن التصحيح مع احتياجهما إليه، فمن يدعي أن لرواية ابن خزيمة إسناد آخر غير هذا، فليذكر، لينظر فيه.
وإني لم أطلع على الجماعة الذين رووا عن سفيان، ولم يذكروا زيادة: على صدره سوى عبد الله بن الوليد عند أحمد ص 318 - ج 4، إلا أن سفيان هذا هو الثوري، كان صرح به في الإعلام وهو من علماء الكوفة، مذهبه في هذا مذهب أبي حنيفة، وإسحاق بن راهويه معروف من وضع اليدين تحت السرة، كما صرح به النووي في شرح المهذب ص 313 - ج 3، وابن قدامة في المغني ص 519 - ج 1. وغيرهما، فلو كان عند الثوري حديث الصدر صحيحاً لما خالفه إلى غيره، والله أعلم.
ثم مما يؤيد ابن القيم أن جماعة من أصحاب عاصم رووا هذا الحديث عنه، ولم يذكروا لفظ: على صدره: منهم شعبة عند أحمد: ص 319 - ج 4. وعبد الواحد، عنده: ص 316. وزهير بن معاوية: ص 318. وزائدة، عنده: ص 318. وعند أبي داود: ص 112. والبيهقي: ص 228 - ج 2. وبشر بن المفضل، عند أبي داود: ص 112، وابن ماجه: ص 59. وعبد الله بن إدريس، عند ابن ماجه: ص 59. وسلام بن سليم، عند الطيالسي: ص 137. وخالد بن عبد الله، عند البيهقي: ص 131 - ج 2، ولم يذكر واحد منهم: على صدره.
وكذا روى موسى بن عمير عن عائشة عن وائل، عند أحمد: ص 316 - ج 4. والبيهقي: ص 28 - ج 2. والدارقطني: ص 117. وموسى بن قيس، عند النسائي: ص 141. وعبد الجبار بن علقمة. ومولى لهم، عند مسلم: ص 173. وعبد الجبار عن وائل بن علقمة عن وائل بن حجر، عند أبي داود: ص 112. وعبد الجبار عن أهل بيت وائل، عند البيهقي: ص 26، وعبد الجبار عن أبيه وائل، عند أحمد: ص 318، والدارمي: ص 146. وعبد الجبار. ومولى لهم عن وائل، عند البيهقي: ص 28 - ج 2، وص 71 - ج 2، كلهم ذكروا وضع اليمين على الشمال، ولم يذكر أحد منهم على صدره.
فإن قيل: قال صاحب العون المباركفوري: أن ابن سيد الناس، ذكر حديث وائل في شرح الترمذي وقال: صححه ابن خزيمة، وذكر أن العلامة محمد قائم السندهي: اعترف أن هذا الحديث على شرط ابن خزيمة، قلت: حديث وائل له ألفاظ مختلفة لا شك في صحة بعضها، وإنما الكلام في زيادة: على صدره، والذي صححه ابن خزيمة، وذكر تصحيحه ابن سيد الناس، هو الذي ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح ص 186 - ج 2 أيضاً، قال: وفي حديث وائل عند أبي داود. والنسائي، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ من الساعد، وصححه ابن خزيمة، اهـ. وأما حديث وائل مع زيادة: على صدره، فقال الحافظ في الفتح قد روى ابن خزيمة من حديث وائل: أنه وضعهما على صدره، والبزار: عند صدره، اهـ. ولم يذكر تصحيح ابن خزيمة لهذه الزيادة، لا في الفتح - ولا في التلخيص - ولا في الدراية، وكذا النووي لم يذكر في شرح المهذب - ولا في الخلاصة - ولا في شرح مسلم وكانا أحوج ما يكون إلى نقله، إذا احتجا لمذهبهما، فسكوتهما بيان أن ابن خزيمة لم يصرح بتصحيحه، والله أعلم.