responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 39
كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: ( «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ» ) فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِوَضْعِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ: إِنَّهُ حَسَنٌ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرِّيَاضِ: إِنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَمِنَ الْغَرَضِ أَنَّ الشَّيْخَ شَرَطَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ الْمُنْكَرِ، وَقَدْ أَتَى فِي كِتَابِهِ بِكَثِيرٍ مِنْهُ، وَبَيَّنَ فِي بَعْضِهَا كَوْنَهُ مُنْكَرًا، وَتَرَكَ فِي بَعْضِهَا ; فَبَيَّنْتُ أَنَّهُ مُنْكَرٌ اهـ. قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: وَالْجَوَابُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى نَكَارَتِهِ، وَالَّذِي أَوْرَدَهُ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَصَرَّحَ بِإِنْكَارِهِ الْبَعْضُ لِئَلَّا يُحْمَلَ عَلَى ذُهُولِهِ، وَأَعْرَضَ عَنْ بَيَانِ الْبَعْضِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ بِنَكَارَتِهِ كَانَ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ عِنْدَهُ (وَرُبَّمَا) : بِالتَّشْدِيدِ أَشْهَرُ، وَلِلتَّقْلِيلِ أَظْهَرُ، وَمَا كَافَّةٌ (تَجِدُ) أَيْ: أَيُّهَا النَّاظِرُ فِي الْمِشْكَاةِ (مَوَاضِعَ مُهْمَلَةً) أَيْ: غَيْرَ مُبَيَّنٍ فِيهَا ذِكْرُ مُخْرِجِيهَا (وَذَلِكَ) أَيِ: الْإِهْمَالُ، وَعَدَمُ التَّبْيِينِ (حَيْثُ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى رَاوِيهِ) أَيْ: مُخْرِجِهِ (فَتَرَكْتُ الْبَيَاضَ) أَيْ: عَقِبَ الْحَدِيثِ دَلَالَةً عَلَى ذَلِكَ (فَإِنْ عَثَرْتَ عَلَيْهِ) أَيِ: اطَّلَعْتَ أَيُّهَا النَّاظِرُ عَلَى مُخْرِجِهِ (فَأَلْحِقْهُ) أَيْ: ذِكْرَ الْمُخْرِجِ (بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَاكْتُبْهُ فِي مَوْضِعِ الْبَيَاضِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَلْحِقْهُ بِذَلِكَ الْبَيَاضِ، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ لَا تَخْفَى (أَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاءَكَ) أَيْ: عَلَى هَذَا الْعَمَلِ، وَالْجَزَاءُ مَمْدُودٌ بِمَعْنَى الثَّوَابِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ لِمَا وَرَدَ عَنْ أُسَامَةَ «مَرْفُوعًا مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ. هَذَا، وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمَوَاضِعَ الْمُهْمَلَةَ فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ تَكْمِلَةً، وَتَرْكُ الْبَيَاضِ فِي أَصْلِ الْمُصَنِّفِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ التَّبْيِينَ مِنْ غَيْرِ الْمُؤَلِّفِ (وَسَمَّيْتُ الْكِتَابَ بِمِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: رُوعِيَ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الِاسْمِ، وَالْمَعْنَى، فَإِنَّ الْمِشْكَاةَ يَجْتَمِعُ فِيهَا الضَّوْءُ فَيَكُونُ أَشَدَّ تَقَوِّيًا بِخِلَافِ الْمَكَانِ الْوَاسِعِ، وَالْأَحَادِيثُ إِذَا كَانَتْ غَفْلًا عَنْ سِمَةِ الرُّوَاةِ انْتَشَرَتْ، وَإِذَا قُيِّدَتْ بِالرَّاوِي انْضَبَطَتْ، وَاسْتَقَرَّتْ فِي مَكَانِهَا اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَقَالَ مِيرَكُ: الْأَظْهَرُ فِي وَجْهِ الْمُطَابَقَةِ أَنَّ كِتَابَهُ مُحِيطٌ، وَمُشْتَمِلٌ عَلَى مَا فِي الْمَصَابِيحِ مِنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا أَنَّ الْمِشْكَاةَ مُحِيطَةٌ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْمِصْبَاحِ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِالْمَصَابِيحِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي كِتَابِهِ مِمَّا فِي الْمَصَابِيحِ، وَغَيْرِهِ مُشَبَّهًا بِهَا لِأَنَّهَا آيَاتٌ نُورَانِيَّةٌ، وَدَلَالَاتٌ بُرْهَانِيَّةٌ صَدَرَتْ مِنْ مِشْكَاةِ صَدْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَقْتَدِيَ بِهَا أُمَّتُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَوْلِيَاءِ فِي بَيْدَاءِ الضَّلَالَةِ، وَصَحْرَاءِ الْجَهَالَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى وَرَدَ: ( «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» ) ، وَشَبَّهَ كِتَابَهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ جَامِعٌ لَهَا، وَمَانِعٌ مِنْ تَفَرُّقِهَا بِالْمِشْكَاةِ، وَهِيَ الْكُوَّةُ الْغَيْرُ النَّافِذَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَعْنَى التَّوْرِيَةِ: وَهِيَ أَنْ يُؤْتَى بِكَلِمَةٍ لَهَا مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا قَرِيبٌ، وَالْآخَرُ بِعِيدٌ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْبَعِيدَ.
(وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ) أَيْ: جَعْلَ أُمُورِ الْمُرِيدِ عَلَى وَفْقِ الْمُرَادِ، وَهُوَ فِي عُرْفِ الْعُلَمَاءِ خَلْقُ قُدْرَةِ الْعَبْدِ فِي الطَّاعَةِ، وَالْعِبَادَةِ (وَالْإِعَانَةَ) أَيْ: فِي الدِّينِ، وَالدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ، أَوْ عَلَى مَا قَصَدْتُ (وَالْهِدَايَةَ) أَيِ: الدِّلَالَةَ عَلَى مَا أَرَدْتُ، أَوْ ثَبَاتَ الْهِدَايَةِ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ (وَالصِّيَانَةَ) أَيِ: الْحِفْظَ، وَالْحِمَايَةَ مِنَ الْعَقَائِدِ الدَّنِيَّةِ، وَالْأَحْوَالِ الرَّدِيَّةِ، أَوِ الْعِصْمَةِ عَنِ الْخَطَلِ، وَالزَّلَلِ، أَوْ عَمَّا يَمْنَعُ إِتْمَامَ الْكِتَابِ مِنَ الْمَوَانِعِ، وَالْعِلَلِ (وَتَيْسِيرَ مَا أَقْصِدُهُ) : بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ: تَسْهِيلَ مَا أُرِيدُهُ مِنَ التَّحْرِيرِ، وَالتَّفْتِيشِ، وَالتَّنْقِيرِ (وَأَنْ يَنْفَعَنِي) أَيْ: اللَّهُ بِهَذَا الْكِتَابِ، وَغَيْرِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِهِ، أَيْ: عِلْمًا، وَعَمَلًا، وَتَعْلِيمًا، وَجَوَّزَ أَنْ يَرْجِعَ ضَمِيرُ يَنْفَعُ إِلَى الْكِتَابِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ (فِي الْحَيَاةِ) أَيْ: بِالْمُبَاشَرَةِ (وَبَعْدَ الْمَمَاتِ) : بِالسَّبَبِيَّةِ، أَوْ فِي الْحَيَاةِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ سَبَبًا لِزِيَادَةِ الْأَعْمَالِ، وَبَاعِثًا لِلتَّرَقِّي إِلَى عُلُوِّ الْأَحْوَالِ، وَبَعْدَ الْمَمَاتِ بِوُصُولِ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَحُصُولِ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ (وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمَاتِ) : عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي يَنْفَعُنِي أَيْ: وَأَنْ يَنْفَعَ بِقِرَاءَتِهِ، وَكِتَابَتِهِ، وَوَقْفِهِ، وَنَقْلِهِ إِلَى الْبُلْدَانِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ (حَسْبِيَ اللَّهُ) : وَفِي نُسْخَةٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ أَيْ: اللَّهُ كَانَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) أَيْ: الْمَوْكُولُ إِلَيْهِ، يَعْنِي هُوَ الْمُفَوَّضُ إِلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَالْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ مَحْذُوفٌ هُوَ. (وَلَا حَوْلَ) أَيْ: عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ (وَلَا قُوَّةَ) أَيْ: عَلَى طَاعَتِهِ (إِلَّا بِاللَّهِ) أَيْ: بِعِصْمَتِهِ، وَمَعُونَتِهِ (الْعَزِيزِ) أَيِ: الْغَالِبِ عَلَى مَا يُرِيدُ، أَوِ الْبَدِيعِ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (الْحَكِيمِ) أَيْ: صَاحِبِ الْحِكَمِ، وَالْحِكْمَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِتْقَانِ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست