responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 38
أَحَدًا فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الرَّاوِي عَنْهُ (أَوْ ضَعِيفٍ) : وَهُوَ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ صِفَاتُ الصَّحِيحِ، وَالْحَسَنِ بِأَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ رُوَاتِهِ قَدْحٌ، أَوْ تُهْمَةٌ (أَوْ غَيْرُهُمَا) : اعْتِبَارًا لَا حَقِيقَةً، إِذْ مَا عَدَا الصَّحِيحَ وَالْحَسَنَ دَاخِلٌ تَحْتَ أَنْوَاعِ الضَّعِيفِ. وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِمَا نَحْوُ مُنْكَرٍ: وَهُوَ مَا رَدُّهُ قَطْعِيٌّ، أَوْ رَوَاهُ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِثِقَةٍ، أَوْ شَاذٌّ: وَهُوَ مَا خَالَفَ الثِّقَةُ مَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ، أَوْ مُعَلَّلٌ: وَهُوَ مَا فِيهِ عِلَّةٌ خَفِيَّةٌ غَامِضَةٌ قَادِحَةٌ لَمْ يُدْرِكْهَا إِلَّا الْحُذَّاقُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ، وَبَيَانَ حُدُودِهَا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ قُيُودِهَا يَحْتَاجُ إِلَى بَسْطٍ فِي الْكَلَامِ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ إِيرَادِهَا، وَقَدْ أَوْرَدْنَا فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ مَا يَسْتَفِيدُ بِذِكْرِهِ الْمُبْتَدِئُ، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْ تَذَكُّرِهِ الْمُنْتَهِي (بَيَّنْتُ وَجْهَهُ) أَيْ: وَجْهَ غَرَابَتِهِ، أَوْ ضَعْفِهِ، أَوْ نَكَارَتِهِ (غَالِبًا) أَيْ: فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ، وَلَعَلَّ تَرْكَ التَّبْيِينِ فِي بَعْضِ مَوَاضِعِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ، أَوْ لِاخْتِلَافٍ فِيهِ، أَوْ لِغَيْرِ هَذَا، وَقَدْ قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: الْمُتَبَادَرُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ أَحَادِيثَ الْحِسَانِ مِنَ الْمَصَابِيحِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الْمِشْكَاةِ بِالْفَصْلِ الثَّانِي كُلُّ حَدِيثٍ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِيهِ أَنَّهُ غَرِيبٌ، أَوْ ضَعِيفٌ، أَوْ مُنْكَرٌ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ وَجْهَهُ بِأَنْ يَقُولَ - أَيِ: الرَّاوِي -: تَفَرَّدَ بِهِ، أَوْ غَيْرُ ثِقَةٍ، أَوْ مُخَالِفٌ لِمَا هُوَ أَوْثَقُ، وَنَحْوُهُ بِذِكْرِ مَنْشَئِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بَلْ فِي كُلِّ حَدِيثٍ ذَكَرَ مُحْيِي السُّنَّةِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، أَوْ غَرِيبٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَائِلَهُ الَّذِي هُوَ التِّرْمِذِيُّ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ مِنْ أَرْبَابِ الْأُصُولِ، وَعَيَّنَهُ، وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ يُشِيرُ التِّرْمِذِيُّ أَحْيَانًا إِلَى وَجْهِ الْغَرَابَةِ، وَبَيَانِ الضَّعْفِ، وَهَذَا الصَّنِيعُ مِنَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ مُحْيِي السُّنَّةِ أَهْلًا لِلْحُكْمِ بِالضَّعْفِ، وَالصِّحَّةِ فِي الْحَدِيثِ ; فَلَا جَرَمَ نَسَبْتُهُ إِلَى مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ ذَلِكَ انْتَهَى. فَيَكُونُ الْمَعْنَى: بَيَّنْتُ وَجْهَهُ بِنِسْبَةِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إِلَى أَهْلِهِ الْمَرْجُوعِ إِلَيْهِمْ فِيهِ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ عَلَى أَنْ يَكُونَ تَقْوِيَةً لِلشَّيْخِ لَا سَلْبَ الْأَهْلِيَّةِ عَنْهُ، فَالْعِلْمَانِ خَيْرٌ مِنْ عِلْمٍ وَاحِدٍ، بَلْ فِي هَذَا هَضْمٌ لِنَفْسِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَهْلِيَّةٌ لِذَلِكَ (وَمَا لَمْ يُشِرْ إِلَيْهِ) أَيِ: الشَّيْخُ (مِمَّا فِي الْأُصُولِ) أَيْ: مِمَّا أُشِيرَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُنْقَطِعِ، وَالْمَوْقُوفِ، وَالْمُرْسَلِ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقَيِّ، وَهُوَ كَثِيرٌ (فَقَدْ قَفَّيْتُهُ) : بِالتَّشْدِيدِ أَيْ: تَبِعْتُهُ تَأَسِّيًا بِهِ، كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَكَتَبَ مِيرَكُ فِي هَامِشِ الْكِتَابِ قَفَوْتُهُ بِالْوَاوِ، وَرَقَّمَ عَلَيْهِ (ظ) إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ الظَّاهِرُ. وَكَتَبَ عَمُّهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ أَنَّ أَصْلَ سَمَاعِنَا، وَجَمِيعَ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ الْحَاضِرَةِ صُحِّحَتْ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ. مِنَ التَّقْفِيَةِ، وَهِيَ تُسْتَعْمَلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِعَلَى وَالْبَاءِ، وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْزِيلِ: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [المائدة: 46] وَتُسْتَعْمَلُ أَيْضًا بِمِنْ، وَالْبَاءِ قَالَ تَعَالَى: {وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ} [البقرة: 87] وَالْمَعْنَى هَاهُنَا عَلَى التَّتَبُّعِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ، وَبِالْوَاوِ مِنَ الْقَفْوِ انْتَهَى. وَحَاصِلُ الْمُنَاقَشَةِ أَنَّهُ بِالتَّشْدِيدِ مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولَيْنِ بِأَحَدِ الِاسْتِعْمَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَبِالتَّخْفِيفِ، وَالْبَاءِ غَيْرُ وَارِدٍ، وَكِلَاهُمَا مَدْفُوعٌ ; فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ قَفَّيْتُهُ، وَأَقْفَيْتُهُ تَبِعْتُهُ، وَاقْتَدَيْتُ بِهِ، وَفِي الْقَامُوسِ: قَفَوْتُهُ تَبِعْتُهُ كَتَقْفِيَتِهِ، وَاقْتَفَيْتُهُ: وَقَفَّيْتُهُ زَيْدًا أَيْ: أَتْبَعْتُهُ إِيَّاهُ اهـ.
وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ أَنَّ قَفَّى بِالتَّشْدِيدِ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ إِلَى وَاحِدٍ، وَبِالْبَاءِ إِلَى اثْنَيْنِ، وَلِذَا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ} [البقرة: 87] أَيْ: أَرْسَلْنَا عَلَى أَثَرِهِ الرُّسُلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: 44] يُقَالُ: قَفَاهُ إِذَا أَتْبَعَهُ، وَقَفَّاهُ بِهِ أَتْبَعَهُ إِيَّاهُ مِنَ الْقَفَا نَحْوَ ذَنَبِهِ مِنَ الذَّنَبِ انْتَهَى. وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ فَأَمْرُهُ سَهْلٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَتْبَعْتُ نَفْسِي إِيَّاهُ (فِي تَرْكِهِ) : وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى فَاعِلِهِ، أَوْ مَفْعُولِهِ، أَيْ: فِي تَرْكِ الشَّيْخِ الْحُكْمَ عَلَى الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ، أَوْ فِي تَرْكِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِالْمُوَافَقَةِ مَعَهُ فِي السُّكُوتِ عَلَيْهِ (إِلَّا فِي مَوَاضِعَ) أَيْ: قَلِيلَةٌ أُبَيِّنُهَا (لِغَرَضٍ) : قَالَ الْفَاضِلُ الطِّيبِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الطَّاعِنِينَ أَفْرَزُوا أَحَادِيثَ مِنَ الْمَصَابِيحِ، وَنَسَبُوهَا إِلَى الْوَضْعِ، وَوَجَدْتُ التِّرْمِذِيَّ صَحَّحَهَا، أَوْ حَسَّنَهَا، وَغَيْرَ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا ; فَبَيَّنْتُهُ لِرَفْعِ التُّهْمَةِ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست