responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 384
353 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ، أَوْ يَتَوَضَّأُ فِيهِ، فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ أَوْ يَتَوَضَّأُ فِيهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
353 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ) : بِمُعْجَمَةٍ وَفَاءٍ مُثَقَّلَةٍ مَفْتُوحَةٍ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ بَلْدَةَ تُسْتَرَ حِينَ فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: مُزَنِيٌّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، سَكَنَ الْمَدِينَةَ ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْهَا إِلَى الْبَصْرَةِ وَكَانَ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُمَرُ إِلَى الْبَصْرَةِ يُفَقِّهُونَ النَّاسَ، وَمَاتَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ سِتِّينَ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَالَ: مَا نَزَلَ الْبَصْرَةَ أَشْرَفُ مِنْهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ» ) : فِي الْأَزْهَارِ النَّهْيُ فِيهِ لِلتَّنْزِيهِ ( «فِي مُسْتَحَمِّهِ» ) : الْمُسْتَحَمُّ الَّذِي يُغْتَسَلُ فِيهِ مِنَ الْحَمِيمِ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ، وَالْمُرَادُ الْمُغْتَسَلُ مُطْلَقًا، وَفِي مَعْنَاهُ الْمُتَوَضَّأُ، وَلِذَا قَالَ فِيمَا بَعْدُ: أَوْ يَتَوَضَّأُ (ثُمَّ) اسْتِبْعَادِيَّةٌ يَعْنِي يُسْتَبْعَدُ مِنَ الْعَاقِلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا (يَغْتَسِلُ فِيهِ) يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ أَيْ: ثُمَّ هُوَ يَغْتَسِلُ وَالْجَزْمُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَجُوِّزَ النَّصْبُ فِي جَوَابِ النَّهْيِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ ثُمَّ بِمَنْزِلَةِ الْوَاوِ لَكِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى النَّهْيَ عَنِ الْجَمْعِ كَمَا فِي: لَا تَأْكُلِ السَّمَكَ وَتَشْرَبِ اللَّبَنَ، وَالْحَالُ أَنَّ الْبَوْلَ فِيهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ اغْتِسَالٌ أَوْ لَا. هَذَا خُلَاصَةُ كَلَامِ الطِّيبِيِّ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: أَجْرَى الْكُوفِيُّونَ " ثُمَّ " مُجْرَى الْفَاءِ وَالْوَاوِ فِي جَوَازِ نَصْبِ الْمُضَارِعِ الْمَقْرُونِ بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الشَّرْطِ وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بِقِرَاءَةِ الْحَسَنِ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] بِنَصْبِ يُدْرِكَهُ، وَأَجْرَاهَا ابْنُ مَالِكٍ مُجْرَاهُمَا بَعْدَ الطَّلَبِ فَأَجَازَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ» ) ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ. الرَّفْعَ بِتَقْدِيرِ ثُمَّ هُوَ يَغْتَسِلُ وَبِهِ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ، وَالْجَزْمَ بِالْعَطْفِ عَلَى فِعْلِ النَّهْيِ، وَالنَّصْبَ قَالَ: بِإِعْطَاءِ ثُمَّ حُكْمَ وَاوِ الْجَمْعِ فَتَوَهَّمَ تِلْمِيذُهُ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ إِعْطَاؤُهَا حُكْمَهَا فِي إِفَادَةِ مَعْنَى الْجَمْعِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ النَّصْبُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا دُونَ إِفْرَادِ أَحَدِهِمَا، وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بَلِ الْبَوْلُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ سَوَاءٌ أَرَادَ الِاغْتِسَالَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ أَمْ لَا اهـ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ ابْنُ مَالِكٍ إِعْطَاءَهَا حُكْمَهَا فِي النَّصْبِ لَا فِي الْمَعِيَّةِ أَيْضًا، ثُمَّ مَا أَوْرَدَهُ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْمَفْهُومِ لَا الْمَنْطُوقِ، وَقَدْ قَامَ دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى عَدَمِ إِرَادَتِهِ وَنَظِيرُهُ أَجَازَهُ الزَّجَّاجُ وَالزَّمَخْشَرِيُّ فِي {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} [البقرة: 42] كَوْنُ تَكْتُمُوا مَجْزُومًا وَكَوْنُهُ مَنْصُوبًا مَعَ أَنَّ النَّصْبَ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنِ الْجَمْعِ اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ النَّوَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ الْمَنْهِيَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحِيحٌ، وَإِنْ عُلِمَ نَهْيُ أَحَدِهِمَا مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُغْنِي بِخِلَافِ كَلَامِ الطِّيبِيِّ هُنَا أَنَّ الْبَوْلَ فِيهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ اغْتِسَالٌ أَوْ لَا. فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْجَمْعِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الْآتِي فِي نَفْسِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ بَالَ فِي الْمُسْتَحَمِّ وَلَمْ يَغْتَسِلْ فِيهِ بِأَنْ جَعَلَهُ مَهْجُورًا مِنَ الِاغْتِسَالِ فِيهِ أَوِ اغْتَسَلَ فِيهِ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَبُلْ فِيهِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (أَوْ يَتَوَضَّأُ فِيهِ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ ( «فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ» ) : أَيْ: أَكْثَرُ وَسْوَاسِ الطَّهَارَةِ (مِنْهُ: أَيْ: يَحْصُلُ مِنَ الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ ثُمَّ الْغُسْلُ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ نَجِسًا فَيَقَعُ فِي قَلْبِهِ وَسْوَسَةٌ بِأَنَّهُ هَلْ أَصَابَهُ مِنْهُ رَشَاشٌ أَمْ لَا؟ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لِأَنَّ مَاءَ الطَّهَارَةِ حِينَئِذٍ يُصِيبُ أَرْضَهُ النَّجِسَةَ بِالْبَوْلِ ثُمَّ يَعُودُ إِلَيْهِ فَكُرِهَ الْبَوْلُ فِيهِ لِذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ أَرْضُهُ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ مِنْهَا رَشَاشٌ أَوْ كَانَ لَهُ مَنْفَذٌ بِحَيْثُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْبَوْلِ لَمْ يُكْرَهِ الْبَوْلُ فِيهِ إِذْ لَا يَجُرُّ إِلَى وَسْوَاسٍ لِأَمْنِهِ مِنْ عَوْدِ الرَّشَاشِ إِلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ وَلِطُهْرِ أَرْضِهِ فِي الثَّانِي بِأَدْنَى مَاءٍ طَهُورٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا اهـ. وَهُوَ يُؤَيِّدُ اعْتِرَاضَنَا عَلَى الطِّيبِيِّ، وَكَأَنَّهُ ذُهِلَ عَنْ كَلَامِ الطِّيبِيِّ أَوِ انْتَقَلَ إِلَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ، وَلِذَا سَكَتُّ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ (وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، إِلَّا أَنَّهُمَا) : أَيِ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ كَابْنِ مَاجَهْ (لَمْ يَذْكُرَا: ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ، أَوْ يَتَوَضَّأُ فِيهِ) . وَلَعَلَّ وَجْهَ الْإِطْلَاقِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الْمُسْتَحَمِّ هُوَ أَنْ يَغْتَسِلَ فِيهِ أَوْ يَتَوَضَّأَ أَوْ بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَغْلَبِ الْوَاقِعِ.

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 384
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست