responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 238
عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَإِنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْ كَلِمَاتِ الرَّجُلَيْنِ صَوْتٌ مُعْتَمِدٌ عَلَى مَخْرَجِهِ، وَفِي تَفْسِيرِ الْجَلَالَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] أَطْلَقَ قُلُوبَ عَلَى قَلْبَيْنِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِهِ لِاسْتِثْقَالِ الْجَمْعِ بَيْنَ تَثْنِيَتَيْنِ فِيمَا هُوَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ (اخْتَلَفَا) : صِفَةُ رَجُلَيْنِ، أَيْ: تَنَازَعَا وَاخْتَصَمَا (فِي آيَةٍ) ، أَيْ: فِي مَعْنَى آيَةٍ مُتَشَابِهَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا فِي لَفْظِهَا اخْتِلَافَ قِرَاءَةٍ (فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْرَفُ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ (فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ) : الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ مِنْ فَاعِلِ خَرَجَ، وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَغْضَبُ لِلَّهِ، فَيَشْتَدُّ بِهِ ذَلِكَ الْغَضَبُ حَتَّى يُرَى أَثَرُهُ مِنْ حُمْرَةِ اللَّوْنِ وَنَحْوِهَا فِي وَجْهِهِ الْكَرِيمِ (فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) : أَيْ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (بِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْكِتَابِ) ، أَيِ: الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِمْ بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا شَاءَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ الْمَنْهِيِّ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

153 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى النَّاسِ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
153 - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) : - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ مِنَ الْعَشْرَةِ الْمُبَشَّرَةِ بِالْجَنَّةِ، يُكْنَى أَبَا إِسْحَاقَ، وَاسْمُ أَبِي وَقَّاصٍ: مَالِكُ بْنُ وَهِيبٍ الزُّهْرِيُّ الْقُرَشِيُّ، أَسْلَمَ قَدِيمًا وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَالَ: كُنْتُ ثَالِثَ الْإِسْلَامِ، وَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، شَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ مَشْهُورًا بِذَلِكَ، تُخَافُ دَعْوَتُهُ وَتُرْجَى لِاشْتِهَارِ إِجَابَتِهَا عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِيهِ: اللَّهُمَّ سَدِّدْ سَهْمَهُ وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ وَجَمَعَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلزُّبَيْرِ أَبَوَيْهِ فَقَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي) وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ غَيْرِهِمَا، مَاتَ فِي قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَحُمِلَ عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ وَالِي الْمَدِينَةِ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، وَلَهُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَهُوَ آخِرُ الْعَشَرَةِ مَوْتًا، وَلَّاهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ الْكُوفَةَ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ) ، أَيْ: فِي حَقِّهِمْ وَجِهَتِهِمْ (جُرْمًا) : تَمْيِيزٌ أَيْ ذَنْبًا وَظُلْمًا كَائِنًا فِيهِمْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَصْلُهُ أَجْرَمَ الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ إِلَى أَعْظَمَ، ثُمَّ فُسِّرَ بِـ (جُرْمًا) لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْأَعْظَمَ نَفْسَهُ جُرْمٌ (مَنْ سَأَلَ) ، أَيْ: نَبِيَّهُ (عَنْ شَيْءٍ) : بِالتَّنْكِيرِ (لَمْ يُحَرَّمْ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّحْرِيمِ (عَلَى النَّاسِ) : الْجُمْلَةُ صِفَةُ شَيْءٍ بِأَنْ يَسْأَلَ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ (فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ) .، أَيْ: فَحُرِّمَ ذَلِكَ الشَّيْءُ لِأَجْلِ سُؤَالِهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي سُؤَالِهِ، إِذْ أُمِرَ بِالسُّكُوتِ وَنُهِيَ عَنِ النُّطْقِ فَعُوقِبَ بِتَحْرِيمِ مَا سَأَلَ عَنْهُ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا فِي حَقِّ مَنْ سَأَلَ عَبَثًا وَتَكَلُّفَا فِيمَا لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ كَمُسَأَلَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي شَأْنِ الْبَقَرَةِ دُونَ مَنْ يَسْأَلُ سُؤَالَ حَاجَةٍ، فَإِنَّهُ يُثَابُ، وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ: أَصْلُ الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْحَظْرِ.

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست