responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 237
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ: رَأَيْتَ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ الْعَامِّ، وَلِهَذَا جَمَعَهُ فِي: فَاحْذَرُوهُمْ وَفِي بَعْضِهَا بِكَسْرِ التَّاءِ عَلَى خِطَابِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ بَيَانًا لِشَرَفِهَا وَغَزَارَةِ عِلْمِهَا كَمَا يُقَالُ: يَا فُلَانُ افْعَلُوا كَيْتَ وَكَيْتَ لِرَئِيسِ الْقَوْمِ إِظْهَارًا لِشَرَفِهِ وَتَقَدُّمِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَفِيهِ: أَنَّ هَذَا التَّحْقِيقَ يَسْتَدْعِي حُضُورَ قَوْمٍ مَعَهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ خِطَابُ الْمُذَكَّرِ الْجَمْعِ عَلَى تَعْظِيمِهَا تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الرِّجَالِ لِكَمَالِ عَقْلِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: حَذَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ اخْتِلَافٍ يُؤَدِّي إِلَى الْكُفْرِ وَالْبِدْعَةِ كَاخْتِلَافِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَذَلِكَ مِثْلُ الِاخْتِلَافِ فِي نَفْسِ الْقُرْآنِ، أَوْ فِي مَعْنًى لَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ، أَوْ فِيمَا يُوقِعُ فِي شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَفِتْنَةٍ وَخُصُومَةٍ، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ لِاسْتِنْبَاطِ فُرُوعٍ فِي الدِّينِ مِنْهُ، وَمُنَاظَرَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ الْفَائِدَةِ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ وَفَضِيلَتُهُ ظَاهِرَةٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَةِ إِلَى الْآنَ اهـ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ الْوَقْفِ عَلَى الْجَلَالَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ عِلْمَ الْمُتَشَابَهِ عَلَى حَقِيقَةِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مُخْتَصٌّ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُنَافِي هَذَا جَعْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْآخَرِينَ الْوَقْفَ عَلَى الْعِلْمِ الْمُفِيدِ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِيهِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابَهِ؟ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ عَلِمُوهُ لَمْ يُدْرِكُوا حَقِيقَتَهُ الْمُرَادَةَ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْهُ، وَإِنَّمَا عَلِمُوهُ بِصَرْفِ ظَاهِرِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لِاسْتِحَالَتِهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ ظَوَاهِرِ الْمُتَشَابِهَاتِ الْمُسْتَحِيلَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدُ فَأَمْسَكَ أَكْثَرُ السَّلَفِ عَنِ الْخَوْضِ فِي تَعْيِينِ الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ الْمُتَشَابِهِ، وَفَوَّضُوا عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا أَسْلَمُ لِأَنَّ مَنْ أَوَّلَ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ مَعْنًى غَيْرَ مُرَادٍ لَهُ تَعَالَى فَيَقَعَ فِي وَرْطَةِ التَّعْيِينِ وَخَطَرِهِ، وَخَاضَ أَكْثَرُ الْخَلَفِ فِي التَّأْوِيلِ، وَلَكِنْ غَيْرَ جَازِمِينَ بِأَنَّ هَذَا مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تِلْكَ النُّصُوصِ، وَإِنَّمَا قَصَدُوا بِذَلِكَ صَرْفَ الْعَامَّةِ عَنِ اعْتِقَادِ ظَوَاهِرِ الْمُتَشَابِهِ وَالرَّدِّ عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِأَكْثَرِ تِلْكَ الظَّوَاهِرِ الْمُوَافِقَةِ لِاعْتِقَادَاتِهِمُ الْبَاطِلَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَحِلُّ تَفْسِيرُ الْمُتَشَابِهِ إِلَّا بِسَنَدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ خَبَرٍ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَوْ إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

152 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «هَجَّرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا، قَالَ: فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي آيَةٍ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْكِتَابِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
152 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) : بِالْوَاوِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (قَالَ: هَجَّرْتُ) : بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَتَيْتُ فِي الْهَاجِرَةِ أَيْ الظَّهِيرَةِ (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) . قَالَ الْمُظْهِرُ: التَّهْجِيرُ السَّيْرُ فِي الْهَاجِرَةِ وَهِيَ وَقْتُ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَلَعَلَّ خُرُوجَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِيُدْرِكَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْحُجْرَةِ فَلَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى تَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ وَالْإِسْرَاعِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ (يَوْمًا) : أَيْ مِنَ الْأَيَّامِ أَوِ التَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ (قَالَ) ، أَيْ: عَبْدُ اللَّهِ (فَسَمِعَ) ، أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حُجْرَتِهِ (أَصْوَاتَ رَجُلَيْنِ) : صَرَّحَ الرَّضِيُّ بِأَنَّهُ إِذَا أُضِيفَ الْجُزْءَانِ إِلَى مُتَضَمِّنَيْهِمَا، وَكَانَ الْمُتَضَمِّنَانِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَلَفْظُ الْإِفْرَادِ فِي الْمُضَافِ أَوْلَى مِنْ لَفْظِ الْمُثَنَّى، وَلَفْظُ الْجَمْعِ فِيهِ أَوْلَى مِنَ الْإِفْرَادِ، وَلَكِنْ فِي عَدِّ الْأَصْوَاتِ أَجْزَاءٌ مِنْهُمَا مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَمْعَ الْأَصْوَاتِ

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 237
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست