responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 191
قَاصِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَقِيلَ: يُرِيدُ التِّرْمِذِيُّ بِهِ أَنَّهُ رُوِيَ بِإِسْنَادَيْنِ. أَحَدُهُمَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ. وَالْآخَرُ الْحُسْنَ، أَوْ مُرَادٌ بِالْحُسْنِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ مَا تَمِيلُ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَتَسْتَحْسِنُهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَافِي الصَّحِيحَ فَانْدَفَعَ التَّنَاقُضُ، وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَسَنٌ لِذَاتِهِ صَحِيحٌ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الْحَسَنَ إِذَا رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ تَرَقَّى مِنَ الْحَسَنِ إِلَى الصَّحِيحِ لِقُوَّتِهِ مِنَ الْجِهَتَيْنِ، فَيَعْتَضِدُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.

117 - وَعَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «سَأَلَتْ خَدِيجَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَلَدَيْنِ مَاتَا لَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هُمَا فِي النَّارِ) . فَلَمَّا رَأَى الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِهَا قَالَ: (لَوْ رَأَيْتِ مَكَانَهُمَا لَأَبْغَضْتِهِمَا) . قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَلَدِي مِنْكَ؟ قَالَ: (فِي الْجَنَّةِ) . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَوْلَادَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ وَأَوْلَادَهُمْ فِي النَّارِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَالَّذِينَ آمَنُوا، وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) »
رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
117 - (وَعَنْ عَلِيٍّ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: سَأَلَتْ خَدِيجَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَلَدَيْنِ مَاتَا لَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ: عَنْ شَأْنِهِمَا، وَأَنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، أَوِ النَّارِ؟ وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ الْقُرَشِيَّةُ، كَانَتْ تَحْتَ بَنِي هَالَةَ بْنَ زُرَارَةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَتِيقُ بْن عَائِد، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَهَا يَوْمئِذٌ مِنَ الْعُمْرِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَلَمْ يَنْكِحِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَهَا امْرَأَةً، وَلَا نَكَحَ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ، وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ مِنْ كَافَّةِ النَّاسِ مَنْ ذَكَرِهِمْ، وَأُنْثَاهُمْ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِهِ مِنْهَا غَيْرَ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ مِنْ مَارِيَةَ، وَمَاتَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ، وَقِيلَ: بِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَقِيلَ: بِثَلَاثٍ، وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنَ النُّبُوَّةِ عَشْرُ سِنِينَ، وَكَانَ لَهَا مِنَ الْعُمْرِ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَكَانَتْ مُدَّةُ مَقَامِهَا مَعَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَدُفِنَتْ فِي الْحَجُونِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هُمَا فِي النَّارِ قَالَ) أَيْ: عَلِيٌّ (فَلَمَّا رَأَى) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (الْكَرَاهَةَ) أَيْ: أَثَرَهَا مِنَ الْكَآبَةِ وَالْحُزْنِ (فِي وَجْهِهَا قَالَ) أَيْ: تَسْلِيَةً لَهَا (لَوْ رَأَيْتِ مَكَانَهُمَا) : وَهُوَ جَهَنَّمُ (لَأَبْغَضْتِهِمَا) : وَفِي نُسْخَةٍ: لَأَبْغَضْتِيهِمَا بِإِشْبَاعِ الْكَسْرَةِ يَاءً؛ أَيْ: لَوْ أَبْصَرْتِ مَنْزِلَتَهُمَا فِي الْحَقَارَةِ وَالْبُعْدِ عَنْ نَظَرِ اللَّهِ تَعَالَى لَرَأَيْتِ الْكَرَاهَةَ، وَأَبْغَضْتِهِمَا، أَوْ لَوْ عَلِمْتِ مَكَانَهُمَا أَيْ: مَنْزِلَتَهُمَا، وَبُغْضِ اللَّهِ إِيَّاهُمَا لَأَبْغَضْتِهِمَا، وَتَبَرَّأَتِ مِنْهُمَا تَبَرُّؤَ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ، (قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَوَلَدِي مِنْكَ؟ قَالَ: (فِي الْجَنَّةِ) : وَالْمُرَادُ بِأَوْلَادِهَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْقَاسِمُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: الطَّيِّبُ، وَالطَّاهِرُ أَيْضًا، وَقِيلَ هُمَا لَقَبَانِ لِعَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَوْلَادَهُمْ فِي الْجَنَّةِ» ) : وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ يُعْتَدُّ بِهِ ( «وَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ، وَأَوْلَادَهُمْ فِي النَّارِ» ) ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} [الطور: 21] : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: ذُرِّيَّاتُهُمْ، وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَوَاتِرَتَانِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَوْلَادَ تَابِعَةٌ لِآبَائِهِمْ لَا لِأُمَّهَاتِهِمْ، وَلِذَلِكَ اسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] وَأَمَّا طَرِيقُ الِاسْتِشْهَادِ لِإِلْحَاقِ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ بِالْآبَاءِ فَأَنْ يُقَالَ: لَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْإِلْحَاقَ لِكَرَامَةِ آبَائِهِمْ وَمَزِيدِ سُرُورِهِمْ وَغِبْطَتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَإِلَّا فَيُنَغَّصُ عَلَيْهِمْ كُلُّ نَعِيمٍ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي مَحَلٍّ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ: وَأَكْرَمْنَا الَّذِينَ آمَنُوا أَلْحَقْنَا بِهِمْ عَلَى شَرِيطَةِ التَّفْسِيرِ. الْكَشَّافُ: الَّذِينَ آمَنُوا: مُبْتَدَأٌ، وَبِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ خَبَرُهُ، وَالَّذِي بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَالتَّنْكِيرُ فِي إِيمَانٍ لِلتَّعْظِيمِ، وَالْمَعْنَى بِسَبَبِ إِيمَانٍ عَظِيمٍ رَفِيعِ الْمَحَلِّ، وَهُوَ إِيمَانُ الْآبَاءِ أَلْحَقْنَا بِدَرَجَاتِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يسْتَأْهِلُونَهَا تَفَضُّلًا عَلَيْهِمْ وَعَلَى آبَائِهِمْ لِيَتِمَّ سُرُورُهُمْ، وَلِيَكْمُلَ نَعِيمُهُمْ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْكُفَّارِ اهـ.

اسم الکتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف : القاري، الملا على    الجزء : 1  صفحة : 191
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست