فإنه ذكر بعض أقوال أئمة الأشعرية، ثم قال: " واليد في اللغة تطلق لمعان كثيرة، اجتمع لنا منها خمسة وعشرون ومعنى" (1)
والنصوص في هذا الباب جاءت معينة معنى واحداً لا غير، هو يدا الله الكريمتان، وما عدا ذلك فهو بهتان عظيم.
قوله: " يد الله ملأى" ذكرنا أنها عند مسلم، وعند البخاري في مواضع غير هذا، بلفظ "يمين الله " بدل: " يد الله"، قال الحافظ: " يتعقب بهذه الرواية على من فسر اليد بالنعمة، وأبعد منه من فسرها بالخزائن " [2] .
قلت: هذا التفسير باطل، ولا يصح أن يسمى تفسيراً، وإنما هو تحريف للكلام عن مواضعه، كفعل اليهود، كما سيأتي بيان ذلك - إن شاء الله تعالى -.
و"ملأى" بفتح الميم، وسكون اللام، وهمزة، مع القصر، أي أنها: شديدة الامتلاء بالخير.
قوله: " لا يغيضها " أي: لا ينقصها، يقال: غاض الماء يغيض، إذا نقص.
قوله: " سحاء" بفتح السين والحاء المشددة، ممدوداً، أي دائمة الصب.
"الليل والنهار" منصوبان على الظرفية، أي: يد الله دائمة السح في الليل والنهار.
قوله: " أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض؟ " استدلال، وإيضاح لكثرة نفقته تعالى، وتنبيه لمن له بصيرة إلى ذلك.
قوله: " فإنه لم يغض ما في يده" أي: هذا الإنفاق الهائل، المستمر الدائم بدون توقف، لم ينقص ما في يده -تعالى-؛ لأن بيده الخير كله لا مانع لما أعطى، ولا معطي لمن منعه، وإذا أراد شيئاً قال له: كن، فيكون.
قوله: "وعرشه على الماء" قال الحافظ: " مناسبة ذكر العرش هنا: أن
(1) انظر " فتح الباري" (13/394) .
(2) "الفتح" (13/395) .