قَوْله لَا سمر بعْدهَا هَذَا على سَبِيل الْغَالِب وَأما أَحْيَانًا فَكَانَ يسمر لبَعض حوائج الْمُسلمين مَعَ أبي بكر وَعمر كَمَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَعلة الْمَنْع ان السمر أَوَائِل اللَّيْل يمْنَع الرجل من صَلَاة التَّهَجُّد لِأَن الْإِنْسَان رُبمَا يتَكَلَّم مَلِيًّا فَيمْنَع عَن صَلَاة اللَّيْل بِغَلَبَة النّوم وَأَيْضًا ان هَذَا الْوَقْت تَخْلُو عَن الشواغل فَكَانَ الاهتمام بِذكر الله أولى
قَوْله
[704] لَا تغلبنكم الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ يُقَال غَلبه على كَذَا غصبه مِنْهُ وَفِي الاساس غلبته على الشَّيْء اخذته مِنْهُ وَالْمعْنَى لَا تتعرضوا لما هُوَ من عَادَتهم من تسميتهم الْعشَاء بالعتمة فيغصب مِنْكُم الاعراب الْعشَاء الَّتِي سَمَّاهَا الله تَعَالَى بهَا فتبدلوا بهَا الْعَتَمَة فالنهي على الظَّاهِر للاعراب وعَلى الْحَقِيقَة لَهُم وَقَالَ التوربشتي الاعراب يحلبون الْإِبِل بعد غيبوبة الشَّفق ويسمون ذَلِك الْوَقْت الْعَتَمَة وَكَانَ ذَلِك فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام وتمهدت قَوَاعِده وَأكْثر الْمُسلمُونَ أَن يَقُولُوا صَلَاة الْعَتَمَة بدل صَلَاة الْعشَاء قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تغلبنكم الاعراب أَي لَا تطلقوا هَذَا الِاسْم على مَا هُوَ تداول بَينهم فيغلب مصطلحهم على الِاسْم الَّذِي جِئتُكُمْ بِهِ من عِنْد الله تَعَالَى كَذَا فِي الزجاجة وَأما مَا جَاءَ فِي الحَدِيث إِطْلَاق الْعَتَمَة على الْعشَاء فَقيل ذَلِك كَانَ قبل نزُول الْآيَة الَّتِي فِيهَا ذكر صَلَاة الْعشَاء أَو كَانَ فِي صدر الْإِسْلَام جَائِز ثمَّ مَنعهم لِئَلَّا يغلب لِسَان الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ النَّوَوِيّ ان اسْتِعْمَال الْعَتَمَة لبَيَان الْجَوَاز وَالنَّهْي للتنزيه اوانه خُوطِبَ بالعتمة من لَا يعرف الْعشَاء لِأَنَّهَا أشهر عِنْد الْعَرَب من الْعشَاء وَإِنَّمَا كَانُوا يطلقون الْعشَاء على الْمغرب (فَخر)
قَوْله
بَدْء الْأَذَان وَهُوَ فِي اللُّغَة الاعلام وَفِي الشَّرْع اعلام بِدُخُول وَقت الصَّلَاة بِذكر مَخْصُوص وَهُوَ مَشْرُوع للصلوات الْخمس بِالْإِجْمَاع وَالْمَشْهُور ان شرعيته فِي السّنة الأولى من الْهِجْرَة وَقيل فِي الثَّانِيَة ثمَّ الْمَشْهُور انه ثَبت برؤيا عبد الله بن زيد ورؤية عمر بن الْخطاب وَقد وَقع فِي الْأَوْسَط للطبراني ان أَبَا بكر رأى أَيْضا الْأَذَان وَفِي الْوَسِيط للغزالي أَنه رَوَاهُ بضعَة عشر رجلا وَصرح بَعضهم بأَرْبعَة عشر وَقَالَ بن حجر لَا يثبت شَيْء من ذَلِك الا لعبد الله بن زيد وقصة عمر جَاءَ فِي بعض الطّرق وَالصَّحِيح أَنه ثَبت إِذا اوحى اليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد رُؤْيا عبد الله بن زيد وَقد وَقع فِيمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من طَرِيق عبيد بن عمر اللَّيْثِيّ أحد كبار التَّابِعين أَن عمر لما رأى الْأَذَان جَاءَ يخبر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سَبَقَك بذلك الْوَحْي وَهَذَا أصح لمعات
قَوْله
[706] فَأكْرم بِهِ هُوَ فعل التَّعَجُّب فَمَعْنَاه مَا أعجب هَذِه الْكَرَامَة حَيْثُ أَتَى بِهِ ملك من جَانب الله تَعَالَى لَدَى أَي عِنْدِي بشيرا بالبشارة الْعَظِيمَة حَيْثُ عمل بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنون من بعده ذَلِك فَكَانَ عبد الله بن زيد بن عبد ربه سَبَب الاستنان هَذَا الْعَمَل وَفِي الحَدِيث من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ اجرها وَأجر من عمل بهَا فَأَي بِشَارَة أفضل من ذَلِك فِي لَيَال والى بِهن أَي تتَابع بِهن فَكَانَ رَأْي هَذِه الرُّؤْيَا ثَلَاث لَيَال متواليا وَثَلَاث بدل من الضَّمِير أَو من لَيَال وَبَقِيَّة الْبَيْت ظَاهِرَة (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[707] وَزَاد بِلَال الخ وَسبب زِيَادَته مَا سَيَجِيءُ قَرِيبا ان بِلَالًا اتى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤذنهُ لصَلَاة الْفجْر فَقيل هُوَ نَائِم فَقَالَ اصلاة خير من النّوم وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي مَحْذُورَة كنت أَقُول فِي اذان الْفجْر الأول حَيّ على الْفَلاح الصَّلَاة خير من النّوم وَفِي بعض الرِّوَايَات ان عمر رض زَاد هَذَا اللَّفْظ فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي زَمَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ ترك ثمَّ عمر رض أَمر بذلك (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
اسم الکتاب : شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 51