قَوْله يطهره مَا بعده هَذَا يؤول بِأَن السوال انما صدر فِيمَا جر من الثِّيَاب على مَكَان يَابِس من القذر إِذْ رُبمَا ينشبث شَيْء مِنْهَا فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطهره مَا بعده أَي إِذا انجر على مَا بعده فِي الأَرْض ذهب مَا علق بِهِ من الْيَابِس وَهَذَا التَّأْوِيل على تَقْدِير صِحَة الحَدِيث مُتَعَيّن عِنْد الْكل لانعقاد الْإِجْمَاع على ان الثَّوْب إِذا اصابته نَجَاسَة لَا يطهر الا بِالْغسْلِ كَذَا قَالَ على وَغَيره
[538] انما كَانَ يَكْفِيهِ ان يفركه الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي طَهَارَة مني الادمي فَذهب مَالك وَأَبُو حنيفَة الى نَجَاسَته الا ان أَبَا حنيفَة قَالَ يَكْفِي فِي تَطْهِيره فركه إِذا كَانَ يَابسا وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد وَقَالَ مَالك لَا بُد من غسله رطبا ويابسا وَقَالَ اللَّيْث هُوَ نجس وَلَا تُعَاد الصَّلَاة مِنْهُ وَقَالَ الْحسن لَا تُعَاد الصَّلَاة من الْمَنِيّ فِي الثَّوْب وان كَانَ كثيرا وتعاد مِنْهُ فِي الْجَسَد وان قل وَذهب كَثِيرُونَ الى أَن الْمَنِيّ طَاهِر روى ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن عمر وَعَائِشَة وَدَاوُد أَحْمد فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأَصْحَاب الحَدِيث وَقد غلط من أوهم ان الشَّافِعِي مُنْفَرد بِطَهَارَتِهِ وَدَلِيل الْقَائِلين بِالنَّجَاسَةِ رِوَايَة الْغسْل وَدَلِيل الْقَائِلين بِالطَّهَارَةِ رِوَايَة الفرك فَلَو كَانَ نجسا لم يكف فركه كَالدَّمِ وَغَيره وَقَالُوا وَرِوَايَة الْغسْل مَحْمُولَة على الِاسْتِحْبَاب والتنزيه قَالَه النَّوَوِيّ قلت الَّذِي يثبت من الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب أما الْغسْل وَأما الفرك فَإِذن لَا بُد إِزَالَة الْمَنِيّ من الثَّوْب بِالْغسْلِ أَو بالفرك ان كَانَ الْمَنِيّ قَابلا للفرك أَي غليظا لِأَن الفرك كَمَا قَالَ الطَّيِّبِيّ الدَّلْك حَتَّى يذهب الْأَثر من الثَّوْب وَالظَّاهِر انهما شرعا لإِزَالَة نَجَاسَة الْمَنِيّ وَيدل على نَجَاسَة الحَدِيث الَّاتِي فِي الْبَاب الَّاتِي عَن مُعَاوِيَة أَنه سَأَلَ أُخْته أم حَبِيبَة زوج النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الثَّوْب الَّذِي يُجَامع فِيهِ قَالَت نعم إِذا لم ير فِيهِ أَذَى وَأَيْضًا الحَدِيث الآخر فِي هَذَا الْبَاب عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ سَأَلَ رجل رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّوْب الَّذِي يَأْتِي فِيهِ أَهله قَالَ نعم الا ان يرى فِيهِ شَيْئا فيغسله فقد مران مَا قَالَ الامام انه نجس يَكْفِي فِي تظهيره الفرك هُوَ الْحق رحم الله على من انصف وَلَا تعسف (فَخر)
قَوْله بَاب مَا جَاءَ فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ اجْمَعْ من يعْتد بِهِ فِي الْإِجْمَاع على جَوَاز الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فِي السّفر والحضر سَوَاء كَانَ لحَاجَة أَو بغَيْرهَا حَتَّى يجوز للْمَرْأَة مُلَازمَة بَيتهَا والزمن الَّذِي لَا يمشي وانما انكرته الشِّيعَة والخوارج وَلَا يعْتد بخلافهم وَقد روى عَن مَالك رِوَايَات فِيهِ الْمَشْهُود من مذْهبه كمذهب الجماهير وَقد روى الْمسْح على الْخُفَّيْنِ خلائق لَا يُحصونَ من الصَّحَابَة قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ حَدثنِي سَبْعُونَ من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يمسح على الْخُفَّيْنِ وَاخْتلف
الْعلمَاء فِي أَن الْمسْح على الْخُفَّيْنِ أفضل أم غسل الرجلَيْن فمذهب أَصْحَابنَا الى أَن الْغسْل أفضل لكَونه الأَصْل وَذهب اليه جماعات من الصَّحَابَة مِنْهُم عمر بن الْخطاب وَابْنه عبد الله وَأَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رض وَذهب جمَاعَة من التَّابِعين الى ان الْمسْح أفضل وَذهب اليه الشّعبِيّ وَالْحكم والحماد عَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أصَحهمَا الْمسْح أفضل وَالثَّانيَِة هما سَوَاء وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذر
اسم الکتاب : شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 41