responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 655
اعْتُقِدَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ التَّجْرِبَةِ فَلَيْسَ بِكُفْرٍ، لَكِنْ تَجُوزُ فِي إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ وَإِرَادَةِ كُفْرِ النِّعْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طَوْقِ الْحَدِيثِ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالشُّكْرِ وَاسِطَةٌ فَيُحْمَلُ الْكُفْرُ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ لِيَتَنَاوَلَ الْأَمْرَيْنِ، وَلَا يُرَدُّ السَّاكِتُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقِدَ قَدْ يَشْكُرُ بِقَلْبِهِ أَوْ يَكْفُرُ، فَعَلَى هَذَا لِقَوْلِهِ: " فَأَمَّا مَنْ قَالَ " لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ النُّطْقِ وَالِاعْتِقَادِ كَمَا أَنَّ الْكُفْرَ أَعَمُّ مِنْ كُفْرِ الشِّرْكِ وَكُفْرِ النِّعْمَةِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدِهِمَا: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَنْتَظِرُ السُّقْيَا فِي الْأَنْوَاءِ فَقَطَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَالْكَوَاكِبِ. الثَّانِي: أَنَّ النَّاسَ أَصَابَهُمُ الْقَحْطُ فِي زَمَانِ عُمَرَ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: كَمْ بَقِيَ مِنْ أَنْوَاءِ الثُّرَيَّا؟ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: زَعَمُوا أَنَّهَا تَعْتَرِضُ فِي الْأُفُقِ سَبْعًا فَمَا مَرَّتْ حَتَّى نَزَلَ الْمَطَرُ، فَانْظُرْ إِلَى عُمَرَ وَالْعَبَّاسِ وَقَدْ ذَكَرَا الثُّرَيَّا وَنَوْءَهَا وَتَوَقَّعَا ذَلِكَ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ مَنِ انْتَظَرَ الْمَطَرَ مِنَ الْأَنْوَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَاعِلَةٌ لَهُ دُونَ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهَا فَاعِلَةٌ بِمَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا فَهُوَ كَافِرٌ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ إِلَّا لِلَّهِ كَمَا قَالَ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] (سُورَةُ الْأَعْرَافِ: الْآيَةُ 54) وَمَنِ انْتَظَرَهَا وَتَوَكَّفَ الْمَطَرَ مِنْهَا عَلَى أَنَّهَا عَادَةٌ أَجْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَجْرَى الْعَوَائِدَ فِي السَّحَابِ وَالرِّيَاحِ وَالْأَمْطَارِ لِمَعَانٍ تَتَرَتَّبُ فِي الْخِلْقَةِ وَجَاءَتْ عَلَى نَسَقٍ فِي الْعَادَةِ، انْتَهَى.
وَذَكَرَ نَحْوَ تَفْصِيلِهِ الْبَاجِيِّ وَزَادَ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لَا يُكَفِّرُ فِي الثَّالِثِ لَا يَجُورُ إِطْلَاقُ هَذَا اللَّفْظِ بِوَجْهٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ مَا ذَكَرَ لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِمَنْعِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِيهَامِ السَّامِعِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ عَنْ يَحْيَى، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ سُفْيَانُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ كِلَاهُمَا عَنْ صَالِحٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ.

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
451 - 453 - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ بِوَجْهٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ اسْتَحَالَتْ شَامِيَّةً فَهُوَ أَمْطَرُ لَهَا» "، قَالَ: وَابْنُ أَبِي يَحْيَى وَإِسْحَاقُ ضَعِيفَانِ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا (كَانَ يَقُولُ: إِذَا أَنْشَأَتْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ؛ أَيْ: ظَهَرَتْ سَحَابَةٌ (بَحْرِيَّةً) أَيْ: مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِ، وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ الْغَرْبُ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِالنَّصْبِ كَمَا أَفَادَهُ أَبُو عُمَرَ؛ أَيْ: عَلَى الْحَالِ (ثُمَّ تَشَاءَمَتْ) أَيْ: أَخَذَتْ نَحْوَ الشَّامِ، وَالشَّامُ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي نَاحِيَةِ الشَّمَالِ، يَعْنِي إِذَا مَالَتِ السَّحَابَةُ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ إِلَى الشَّمَالِ دَلَّتْ عَلَى الْمَطَرِ الْغَزِيرِ وَلَا تَمِيلُ كَذَلِكَ إِلَّا الرِّيحُ النَّكْبَا الَّتِي بَيْنَ الْغَرْبِ وَالْجَنُوبِ.
(فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ) بِالتَّنْوِينِ فِيهِمَا مُصَغَّرُ غَدِقَةٍ قَالَ تَعَالَى: {مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] (سُورَةُ الْجِنِّ: الْآيَةُ 16)

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 655
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست