responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 654
الْإِلَهِيَّةِ وَهِيَ تَحْتَمِلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ (أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي) إِضَافَةُ تَعْمِيمٍ بِدَلِيلِ تَقْسِيمِهِ لِمُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] (سُورَةُ الْحِجْرِ: الْآيَةُ 42) فَإِضَافَةُ تَشْرِيفٍ ( «مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي» ) كُفْرُ إِشْرَاكٍ لِمُقَابَلَتِهِ بِالْإِيمَانِ أَوْ كُفْرُ نِعْمَةٍ لِمَا فِي مُسْلِمٍ قَالَ اللَّهُ: " مَا «أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ» " ( «فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ» ) بِالْإِفْرَادِ، وَفِي رِوَايَةٍ: بِالْكَوَاكِبِ؛ بِالْجَمْعِ. ( «وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ» ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَالْهَمْزِ؛ أَيْ: بِكَوْكَبِ (كَذَا وَكَذَا) وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ: «مُطِرْنَا بِنَوْءِ الْمِجْدَحِ» ؛ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِّ وَمُهْمَلَةٍ، وَيُقَالُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهُوَ الدَّبَرَانُ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ - قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاسْتِدْبَارِهِ الثُّرَيَّا وَهُوَ نَجْمٌ أَحْمَرُ مُنِيرٌ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: النَّوْءُ سُقُوطُ نَجْمٍ فِي الْمَغْرِبِ مِنَ النُّجُومِ الثَّمَانِيَةِ وَعِشْرِينَ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُ الْقَمَرِ، مِنْ نَاءَ إِذَا سَقَطَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: النَّوْءُ طُلُوعُ نَجْمٍ مِنْهَا، مِنْ نَاءَ إِذَا نَهَضَ، وَلَا خُلْفَ بَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ نَجْمٍ مِنْهَا إِذَا طَلَعَ فِي الشَّرْقِ طَلَعَ آخَرُ فِي الْمَغْرِبِ إِلَى انْتِهَاءِ الثَّمَانِيَةِ وَعِشْرِينَ، وَكُلٌّ مِنَ النُّجُومِ الْمَذْكُورَةِ نَوْءٌ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهَا أَحْمَرُ وَأَغْزَرُ مِنْ غَيْرِهِ، وَنَوْءُ الدَّبَرَانِ لَا يُحْمَدُ عِنْدَهُمُ، انْتَهَى.
فَكَأَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ تَنْبِيهًا عَلَى مُبَالَغَتِهِمْ فِي نِسْبَةِ الْمَطَرِ إِلَى النَّوْءِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَحْمُودًا أَوِ اتَّفَقَ وُقُوعُ ذَلِكَ الْمَطَرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً، وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ: أَنَّ الْقَائِلَ ذَلِكَ الْوَقْتُ مُطِرْنَا بِنَوْءِ الشِّعْرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ ( «فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كُفْرُ الشِّرْكِ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِالْإِيمَانِ، وَلِأَحْمَدَ عَنْ مُعَاوِيَةَ اللَّيْثِيِّ مَرْفُوعًا: " «يَكُونُ النَّاسُ مُجْدَبِينَ فَيُنْزِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِزْقًا مِنْ رِزْقِهِ فَيُصْبِحُونَ مُشْرِكِينَ يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا» ) وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كُفْرُ النِّعْمَةِ وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَسُفْيَانَ عَنْ صَالِحٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِمَا: " «فَأَمَّا مَنْ حَمِدَنِي عَلَى سُقْيَايَ وَأَثْنَى عَلَيَّ فَذَاكَ آمَنَ بِي» " وَقَالَ فِي آخِرِهِ: " «وَكَفَرَ بِي أَوْ كَفَرَ نِعْمَتِى» " وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " «قَالَ اللَّهُ: مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ» " وَلَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَمِنْهُمْ كَافِرٌ» " وَعَلَى الْأَوَّلِ حَمَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَعْلَاهُمْ سَيِّدُنَا وَمَوْلَانَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ فِي الْأُمِّ: مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا؛ عَلَى مَا كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الشِّرْكِ يَعْنُونَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَطَرِ إِلَى أَنَّهُ مَطَرُ نَوْءِ كَذَا، فَذَلِكَ كُفْرٌ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ النَّوْءَ وَقْتٌ وَالْوَقْتُ مَخْلُوقٌ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ شَيْئًا، وَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا عَلَى مَعْنَى مُطِرْنَا فِي وَقْتِ كَذَا فَلَا يَكُونُ كُفْرًا، وَغَيْرُهُ مِنَ الْكَلَامِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ؛ يَعْنِي حَسْمًا لِلْمَادَّةِ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ نُزُولَ الْغَيْثِ بِوَاسِطَةِ النَّوْءِ إِمَّا بِصُنْعِهِ عَلَى زَعْمِهِمْ وَإِمَّا بِعَلَامَةٍ فَأَبْطَلَهُ الشَّرْعُ وَجَعَلَهُ كُفْرًا، وَإِنِ

اسم الکتاب : شرح الزرقاني على الموطأ المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 654
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست