اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل المؤلف : ابن رجب الحنبلي الجزء : 1 صفحة : 220
إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه)) .
والمراد باستقامة إيمانه: استقامةُ أعمال جوارحه، فإنَّ أعمالَ الجوارحِ لا تستقيمُ إلا باستقامة القلب، ومعنى استقامة القلب: أنْ يكونَ ممتلئاً مِنْ محبَّةِ الله [1] ، ومحبَّة طاعته، وكراهة معصيته.
وقال الحسن [2] لرجل: داوِ قلبكَ؛ فإنَّ حاجة الله إلى العباد صلاحُ قلوبهم [3] ، يعني: أنَّ مراده منهم ومطلوبه صلاحُ قلوبهم، فلا صلاحَ للقلوب حتَّى تستقرَّ فيها معرفةُ اللهِ وعظمتُه [4] ومحبَّتُه وخشيتُهُ ومهابتُه ورجاؤهُ والتوكلُ عليهِ، وتمتلئَ مِنْ ذَلِكَ، وهذا هوَ حقيقةُ التوحيد، وهو معنى ((لا إله إلا الله)) ، فلا صلاحَ للقلوب حتَّى يكونَ إلهُها الذي تألَهُه وتعرفه وتحبُّه وتخشاه هوَ الله وحده لا شريكَ لهُ، ولو كانَ في السماوات والأرض إله يُؤَلَّه سوى الله، لفسدت بذلك [5] السماوات والأرض، كما قالَ تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا} [6] .
فعلم بذلك أنَّه لا صلاحَ للعالَم العلويِ والسُّفليّ [7] معاً حتى تكونَ حركاتُ أهلها كلُّها لله [8] ، وحركاتُ الجسدِ تابعةً لحركةِ القلب وإرادته، فإنْ كانت حركتُه وإرادتُه لله وحدَه، فقد صَلَحَ وصَلَحَتْ حركاتُ الجسدِ كلِّه [9] ، وإنْ كانت حركةُ القلب وإراداته لغيرِ الله تعالى فسدَ، وفسدت حركاتُ الجسد بحسب فسادِ [10] حركة القلب.
وروى الليثُ، عن مجاهدٍ في قوله تعالى: {لا تُشْرِكوا به شيئاً} [11] قال: لا تحبُّوا غيري.
وفي " صحيح الحاكم " عن عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الشِّركُ [1] في (ص) : ((ممتلئاً من خشية الله)) . [2] أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " 2/154. [3] في (ص) : ((فإن مراد الله في العباد القلوب)) . [4] سقطت من (ص) . [5] سقطت من (ص) . [6] الأنبياء: 22. [7] في (ص) : ((والعالم السفلي)) . [8] في (ص) : ((لله وحده لا شريك له)) . [9] من قوله: ((وإن كانت حركته ... )) إلى هنا سقط من (ص) . [10] سقطت من (ص) . [11] النساء: 36، والأنعام: 151.
اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل المؤلف : ابن رجب الحنبلي الجزء : 1 صفحة : 220