responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 218
حاجزاً من الحلال [1] .
وقال سفيان بن عيينة: لا يصيب عبدٌ حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبينَ الحرام حاجزاً من الحلال [2] ، وحتى يدعَ الإثم وما تشابه منه [3] .
ويستدلُّ بهذا الحديثِ مَنْ يذهب إلى سدِّ الذرائع إلى المحرَّمات وتحريم
الوسائل إليها، ويَدُلُّ على ذلك أيضاً من قواعدِ الشَّريعة تحريمُ قليلِ ما يُسكر كثيرُه [4] ،
وتحريمُ الخلوة بالأجنبية، وتحريمُ الصَّلاة بعد الصُّبح وبعدَ العصرِ سدَّاً لذريعة الصَّلاة عند طُلوع الشَّمس وعندَ غروبها [5] ، ومنعُ الصَّائم من المباشرة إذا كانت تحرِّكُ شهوتَه، ومنع كثيرٍ من العلماءِ مباشرةَ الحائضِ فيما بين سرّتها ورُكبتها إلا مِنْ وراء حائلٍ، كما كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يأمر امرأتَه إذا كانت حائضاً أنْ تَتَّزر، فيباشِرُها مِنْ فوق الإزار [6] .
ومن أمثلة ذلك وهو شبيه [7] بالمثل الذي ضربه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: من سيَّب دابَّته ترعى بقُرْب زرع غيرِه، فإنَّه ضامن لما أفسدته من الزرع، ولو كان ذلك

نهاراً [8] ،
هذا هو الصحيح؛ لأنَّه مُفَرِّطٌ بإرسالها في هذه الحال.
وكذا الخلاف لو أرسل كلبَ الصَّيدِ قريباً من الحرم، فدخل الحرمَ فصاد فيه، ففي ضمانه روايتان عن أحمد [9] ، وقيل: يضمنه بكلِّ حال [10] .
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإنَّ في الجسد مضغةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدت فسد الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلب)) ، فيه إشارةٌ إلى أنَّ صلاحَ حركاتِ العبدِ بجوارحه، واجتنابه للمحرَّمات واتَّقاءه للشُّبهات بحسب صلاحِ حركةِ قلبِه.
فإنْ كان قلبُه سليماً، ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يُحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركاتُ الجوارح كلّها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرَّمات كلها، وتوقي

[1] أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " 4/84.
[2] من قوله: ((وقال سفيان بن عيينة ... )) إلى هنا سقط من (ص) .
[3] أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " 7/288.
[4] لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أسكر كثيرة فقليله حرام)) .
أخرجه: أحمد 3/343، واللفظ له، وأبو داود (3681) ، وابن ماجه (3393) ، والترمذي (1865) ، والطحاوي في " شرح المعاني " 4/217، وابن حبان (5382) ، والبيهقي 8/296 من حديث جابر بن عبد الله، به، قال الترمذي: ((حسن غريب)) .
وله شواهد عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عند أحمد 2/167 و171، وابن ماجه (3394) .
وعن ابن عمر عند أحمد 2/91، وابن ماجه (3392) ، والبيهقي 8/296.
[5] ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنَّ الصلاة لا تجوز في هذه الأوقات بإطلاق لا فريضة مقضية ولا سنة ولا نافلة إلا عصر يومه، قالوا: فإنَّه جوّز أنْ يقضيه عند غروب الشمس إذا نسيه، انظر: بداية المجتهد 1/191، والمفصّل 1/338.
[6] عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر إحدانا إذا حاضت تأتزر، ثم يباشرها.
أخرجه: الطيالسي (1375) ، وأحمد 6/134، واللفظ له، والبخاري 1/82 (300) ، ومسلم 1/166 (293) (1) ، وأبو داود (268) ، وابن ماجه (635) و (636) ، وابن الجارود (106) ، وابن حبان (1364) و (1367) ، والبيهقي 1/310، والبغوي
(317) .
[7] عبارة: ((وهو شبيه)) سقطت من (ص) .
[8] عن حرام بن سعد، قال: إنَّ ناقة البراء بن عازب دخلت حائطاً لقوم فأفسدت فيه فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت المواشي بالليل فهو ضامن على أهلها.
أخرجه: الشافعي في " مسنده " (1691) بتحقيقي، واللفظ له، وأحمد 5/435-436، وابن ماجه (2332) ، والبيهقي 8/341، والبغوي (2169) .
جاء في كتاب ابن سحنون أنَّ الحديث إنَّما جاء في أمثال المدينة التي لها حيطان محدقة، وأما البلاد التي هي زروع متصلة غير محظرة وبساتين كذلك فيضمن أرباب الغنم ما أفسدت من ليل أو نهار. انظر: المحرر الوجيز لابن عطية: 1289.
[9] انظر: الهداية للكلوذاني 1/229 بتحقيقي، والمغني لابن قدامة 3/354-355.
[10] وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي، وانظر: المغني لابن قدامة 3/354-355.
اسم الکتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست