responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المتواري على أبواب البخاري المؤلف : ابن المنير    الجزء : 1  صفحة : 86
هَل سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: يَا حسان أجب عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ؟ اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس؛ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: نعم!
قلت: رَضِي الله عَنْك -: لَيْسَ لي فِي هَذَا الحَدِيث أَنه أنْشد فِي الْمَسْجِد، وَإِن كَانَ مثبتاً فِي غير هَذَا الطَّرِيق، وَقد ذكره البُخَارِيّ فِي كِتَابه فِي غير هَذَا.
قَالَ: مر عمر بِحسان وَهُوَ ينشد فِي الْمَسْجِد. ثمَّ سَاق الحَدِيث.
فَإِن قلت: لم عدل عَن الطَّرِيق الْمُفْهم للمقصود إِلَى مَا لَا يفهمهُ مَعَ الْإِمْكَان؟
قلت: كَانَ البُخَارِيّ لطيف الْأَخْذ لفوائد الحَدِيث، دَقِيق الفكرة فِيهَا، وَكَانَ رُبمَا عرض لَهُ الِاسْتِدْلَال على التَّرْجَمَة بِالْحَدِيثِ الْوَاضِح المطابق، فَعدل إِلَى الْأَخْذ من الْإِشَارَة وَالرَّمْز بِهِ. وَكَانَ على الصَّوَاب فِي ذَلِك لِأَن الحَدِيث الْبَين يَسْتَوِي النَّاس فِي الْأَخْذ مِنْهُ. وَإِنَّمَا يتفاوتون فِي الاستنباط من الإشارات الْخفية. وَلم يكن مَقْصُود البُخَارِيّ كَغَيْرِهِ يمْلَأ الصُّحُف بِمَا سبق إِلَيْهِ، وَبِمَا يعْتَمد فِي مثله على الأفهام الْعَامَّة. وَإِنَّمَا كَانَ مقْصده فَائِدَة زَائِدَة.
وَوجه الْأَخْذ من هَذَا الطَّرِيق أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " يَا حسان أجب عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " ودعا لَهُ أَن يُؤَيّد بِروح الْقُدس، فدلّ على أَن من الشّعْر حَقًا يُؤمر بِهِ، ويتأهل صَاحبه، لِأَن يكون مؤيداً فِي النُّطْق بِهِ بِالْمَلَائِكَةِ. وَمَا كَانَ هَذَا شَأْنه، فَلَا يتخيل ذولب أَنه يحرم فِي الْمَسْجِد، لِأَن الَّذِي يحرم فِي الْمَسْجِد من الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ الْعَبَث والسفه، وَمَا يعدّ فِي الْبَاطِل الْمنَافِي لما اتَّخذت لَهُ الْمَسَاجِد من الْحق. فَأَما هَذَا النَّوْع فَإِنَّهُ حق لَفظه حسن، وَمَعْنَاهُ صدق. فَهَذَا وَجه الْأَخْذ. وَالله أعلم. وَبِه يرْتَفع الْخلاف، وَيحمل الْمَنْع على شعر السَّفه والعبث، وَالْإِجَازَة على شعر الْفَائِدَة وَالْحكمَة. وَنَحْو ذَلِك مِمَّا تحسن

اسم الکتاب : المتواري على أبواب البخاري المؤلف : ابن المنير    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست