responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 677
فِيهِ أَثْبَتُ، أَمِ الْحَدِيثُ فِي أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ؟ فَقَدْ تَرَكْتَ الْحَدِيثَ الثَّابِتَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقُلْتُ لَهُ: فَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِ بِقَتْلِ الْمُسْتَأْمَنِ عِلَّةٌ، فَكَيْفَ لَمْ تَقْتُلْهُ بِالْمُسْتَأْمَنِ مَعَهُ ابْنٌ لَهُ، وَلَا وَلِيَّ لَهُ غَيْرَهُ يَطْلُبُ الْقَوَدَ؟ قَالَ: هَذَا حَرْبِيٌّ، قُلْتُ: وَهَلْ كَانَ الذِّمِّيُّ إِلَّا حَرْبِيًّا فَأَعْطَى الْجِزْيَةَ فَحُرِّمَ دَمُهُ، وَكَانَ هَذَا حَرْبِيًّا فَطَلَبَ الْأَمَانَ فَحُرِّمَ دَمُهُ، قَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] ، قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ كَتَبَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ هَذَا الْحُكْمَ، أَفَحُكْمٌ هُوَ بَيْنَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقْتُلُ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ، أَيُقْتَلُ بِهِمَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ جَرَحَهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ جِرَاحَاتٍ فِيهَا الْقِصَاصُ؟ قَالَ: لَا يُقَادُ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، قُلْتُ: فَأَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ حُكْمَهُ حَيْثُ حَكَمَ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ، فَعَطَّلْتَ هَذِهِ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَحُكْمًا جَامِعًا أَكْثَرَ مِنْهَا، وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْهُ فِي جُرْحٍ، وَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَقْتُلُ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَمَا تُخَالِفُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَكْثَرُ مِمَّا وَافَقْتَهَا فِيهِ، إِنَّمَا وَافَقْتَهَا فِي النَّفْسِ بِالنَّفْسِ، ثُمَّ خَالَفْتَ فِي النَّفْسِ بِالنَّفْسِ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ: فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ ابْنَهُ، وَعَبْدَهُ، وَالْمُسْتَأْمَنَ، وَلَمْ تَجْعَلْ مِنْ هَذِهِ نَفْسًا بِنَفْسٍ. وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: لَا نَرَاكَ تَحْتَجُّ بِشَيْءٍ إِلَّا تَرَكْتَهُ، أَوْ تَرَكْتَ مِنْهُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. قَالَ: فَكَيْفَ يُقْتَصُّ لِعَبْدٍ مِنْ حُرٍّ، وَامْرَأَةٍ مِنْ رَجُلٍ، فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَعَقْلُهُمَا أَقَلُّ مِنْ عَقْلِهِ؟ قُلْتُ: أَوَتَجْعَلُ الْعَقْلَ دَلِيلًا عَلَى الْقِصَاصِ، فَإِذَا اسْتَوَى اقْتَصَصْتَ، وَإِذَا اخْتَلَفَ لَمْ تَقْتَصَّ؟ قَالَ: فَأَبِنْ، فَقُلْتُ: فَقَدْ يُقْتَلُ الْحُرُّ، دِيَتُهُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَهِيَ أَلْفُ دِينَارٍ عِنْدَكَ، بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَامْرَأَةٍ دِيَتُهَا خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ، قَالَ: لَيْسَ الْقَوَدُ مِنَ الْعَقْلِ بِسَبِيلٍ، قُلْتُ: فَكَيْفَ احْتَجَجْتَ بِهِ؟ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: إِنِّي قَتَلْتُ الرَّجُلَ بِالْمَرْأَةِ؛ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» ، قُلْتُ: أَفَكَانَ هَذَا عِنْدَكَ فِي الْقَوَدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَذَا عَلَيْكَ، أَوَرَأَيْتَ إِنْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ: «تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» ، أَمَا فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دِمَاءَ الْكُفَّارِ لَا تَتَكَافَأُ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقَالَ قَائِلٌ: قُلْنَا: هَذِهِ آيَاتُ اللَّهِ تَعَالَى، ذَكَرَ الْمُؤْمِنَ يُقْتَلُ خَطَأً فَجَعَلَ فِيهِ دِيَةً مُسَلَّمَةً إِلَى أَهْلِهِ وَكَفَّارَةً، وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُعَاهَدِ، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ الْمُسْتَأْمَنَ فِيهِ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَكَفَّارَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَلِمَ لَمْ تَقْتُلْ بِهِ مُسْلِمًا قَتَلَهُ؟

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطًا لِقَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، §فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا "

§بَابُ جَرْحِ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ

أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ نَاقَةَ الْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، §فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَفْسَدَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَخَذْنَا بِهِ لِثُبُوتِهِ بِاتِّصَالِهِ وَمَعْرِفَةِ رِجَالِهِ، قَالَ: وَلَا يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثَ: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» ، وَلَكِنَّ «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» جُمْلَةٌ مِنَ الْكَلَامِ الْعَامِّ الْمَخْرَجِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ، فَلَمَّا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» ، وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَفْسَدَتِ الْعَجْمَاءُ بِشَيْءٍ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَتِ الْعَجْمَاءُ مِنْ جَرْحٍ وَغَيْرِهِ فِي حَالٍ جُبَارٌ، وَفِي حَالٍ غَيْرُ جُبَارٍ، قَالَ -[678]-: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى أَهْلِ الْعَجْمَاءِ حِفْظُهَا ضَمِنُوا مَا أَصَابَتْ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ حِفْظُهَا لَمْ يَضْمَنُوا شَيْئًا مِمَّا أَصَابَتْ، فَيَضْمَنُ أَهْلُ الْمَاشِيَةِ السَّائِمَةِ بِاللَّيْلِ مَا أَصَابَتْ مِنْ زَرْعٍ، وَلَا يَضْمَنُونَهُ بِالنَّهَارِ، وَيَضْمَنُ الْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ حِفْظَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَلَا يُضَمَّنُونَ لَوِ انْفَلَتَتْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا يُشْبِهُ هَذَا الْحَدِيثَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَذَكَرَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا، فَخَطَبَهَا عَلَى أُسَامَةَ وَتَزَوَّجَتْهُ، فَأَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْهَى أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ فِي حَالٍ يَخْطُبُ هُوَ فِيهَا، وَحَدِيثُ «جَرْحِ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» مُطْلَقٌ، وَجَرْحُهَا إِفْسَادُهَا فِي حَالٍ يُقْضَى فِيهِ عَلَى رَبِّ الْعَجْمَاءِ بِفَسَادِهَا، وَمِثْلُهُ نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ جُمْلَةً، وَهُوَ يَأْمُرُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا، وَلَا يَمْنَعُ مَنْ طَافَ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ»

اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 677
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست