responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 668
§بَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ. قَالَ عَمْرٌو: فِي الْأَمْوَالِ

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحْسَبُهُ، وَلَا أُثْبِتُهُ، قَالَ: «وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: " §احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ لِلْحَجَّامِ: «اشْكُمُوهُ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مُخْتَلِفٌ، وَلَا نَاسِخٌ، وَلَا مَنْسُوخٌ، فَهُمْ قَدْ أَخْبَرُونَا أَنَّهُ قَدْ أَرْخَصَ لِمُحَيِّصَةَ أَنْ يَعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُجِزْ رَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمُحَيِّصَةَ أَنْ يَمْلِكَ حَرَامًا، وَلَا يَعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَلَا يُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ، وَرَقِيقُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ فُرِضَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، وَلَمْ يُعْطِ رَسُولُ اللَّهِ حَجَّامًا عَلَى الْحِجَامَةِ أَجْرًا، إِلَّا لِأَنَّهُ لَا يُعْطِي إِلَّا مَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَمَا يَحِلُّ لِمَالِكِهِ مِلْكُهُ، حِلَّ لَهُ وَلِمَنْ أَطْعَمَهُ إِيَّاهُ أَكْلُهُ، قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ وَإِرْخَاصِهِ فِي أَنْ يُطْعِمَهُ النَّاضِحَ وَالرَّقِيقَ؟ قِيلَ: لَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ مِنَ الْمَكَاسِبِ دَنِيًّا وَحَسَنًا، فَكَانَ كَسْبُ الْحَجَّامِ دَنِيًّا، فَأَحَبَّ لَهُ تَنْزِيهَ نَفْسِهِ عَنِ الدَّنَاءَةِ؛ لِكَثْرَةِ الْمَكَاسِبِ الَّتِي هِيَ أَجْمَلُ، فَلَمَّا زَادَ فِيهِ أَمَرُهُ أَنْ يُعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ؛ تَنْزِيهًا لَهُ لَا تَحْرِيمًا عَلَيْهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا ذَا قَرَابَةٍ لِعُثْمَانَ قَدِمَ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَعَاشِهِ، فَذَكَرَ لَهُ غَلَّةَ حَمَامٍ، وَكَسْبَ حَجَّامٍ، أَوْ حَجَّامَيْنِ، فَقَالَ: إِنَّ كَسْبَكَ لَوَسِخٌ، أَوْ قَالَ: لَدَنِيءٌ، أَوْ قَالَ: لَدَنِسٌ، أَوْ كَلِمَةٌ تُشْبِهُ ذَلِكَ

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، فَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ، وَأَمَرَ مَوَالِيَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ، وَقَالَ: «§إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ، وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ لِصِبْيَانِكُمْ مِنَ الْعُذْرَةِ، وَلَا تُعَذِّبُوهُمْ بِالْغَمْزِ»

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَجُلٍ آخَرَ سَمَّاهُ، لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقَا لِحَاجَتِهِمَا، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَانْطَلَقَ هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخُو الْمَقْتُولِ وَحُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ قَتِيلِكُمْ أَوْ صَاحِبِكُمْ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَحْضُرْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ. فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلَهُ مِنْ عِنْدِهِ. قَالَ بَشِيرٌ: قَالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي فَرِيضَةٌ مِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ فِي مِرْبَدٍ لَنَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا نَأْخُذُ، وَهِيَ مِنَ الْجُمَلِ الَّتِي يَدُلُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَمِنْ سَعَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ، أَوِ اقْتِصَارِ الْمُحَدِّثِ عَلَى بَعْضِ مَا يَسْمَعُ دُونَ بَعْضٍ، أَوْ هُمَا مَعًا، فَمَنِ ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا سِوَى الَّذِي فِي النَّفْسِ خَاصَّةً يُرِيدُ أَخْذَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ بِدَعْوَاهُ بِحَالٍ فَقَطْ، إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَى، فَإِذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى مَا دُونَ الزِّنَا، أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْأَمْوَالِ، قُضِيَ لَهُ بِدَعْوَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ بَيِّنَةٍ، وَإِذَا لَمْ يُقِمْ عَلَى مَا يَدَّعِي إِلَّا -[669]- شَاهِدًا وَاحِدًا، فَإِنْ كَانَ مَالًا أُحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَأُعْطِيَ الْمَالَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَدَّعِي غَيْرَ مَالٍ لَمْ يُعْطَ بِهِ شَيْئًا، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْبَيِّنَةُ فِي دَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيِّنَتَانِ: بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ بِعَدَدِ الشُّهُودِ، لَا يَحْلِفُ مُقِيمُهَا مَعَهَا، وَبَيِّنَةٌ نَاقِصَةُ الْعَدَدِ، يَحْلِفُ مُقِيمُهَا مَعَهَا. قَالَ: وَمَنِ ادَّعَى شَيْئًا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ يُؤْخَذُ بِهَا أُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَأْخُذِ الَّذِي ادَّعَى مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَاهُ فَيَأْخُذَ بِيَمِينِهِ مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قَالَ: وَالْحُكْمُ بِالدَّعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ، وَالْأَيْمَانُ مُخَالِفٌ بِالْبَيِّنَةِ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَاسُ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ تَضَادَّا، قَالَ: وَمَنِ ادَّعَى مَا لَا دَلَالَةَ لِلْحَاكِمِ عَلَى دَعْوَاهُ إِلَّا بِدَعْوَاهُ أَحْلَفْنَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا يَحْلِفُ فِيمَا سِوَى الدِّمَاءِ، وَإِذَا كَانَتْ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي دَلَالَةٌ تُصَدِّقُ دَعْوَاهُ كَدَلَالَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُضِيَ فِيهَا بِالْقَسَامَةِ، أُحْلِفَ الْمُدَّعُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَاسْتَحَقُّوا دِيَةَ الْمَقْتُولِ، وَلَا يَسْتَحِقُّونَ دَمًا. قَالَ: وَكُلُّ مَا وَصَفْتُ بَيِّنٌ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا، فَإِنَّ أَحْكَامَهُ لَا تَخْتَلِفُ، وَإِنَّهَا إِذَا احْتَمَلَتْ أَنْ يَمْضِيَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى وَجْهِهِ أُمْضِيَ، وَلَمْ تُجْعَلْ مُخْتَلِفَةً، وَهَكَذَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَتَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا يُشْبِهُ هَذَا؟ قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] ، وَقَالَ فِي الَّذِينَ يَرْمُونَ بِالزِّنَا {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} ، فَكَانَ حُكْمُ اللَّهِ أَنْ لَا يَثْبُتَ الْحَدُّ عَلَى الزَّانِي إِلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَصِيَّةِ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] ، فَكَانَ حُكْمُهُ أَنْ تُقْبَلَ الْوَصِيَّةُ بِاثْنَيْنِ، وَكَذَلِكَ يُقْبَلُ فِي الْحُدُودِ وَجَمِيعِ الْحُقُوقِ اثْنَانِ فِي غَيْرِ الزِّنَا، وَقَالَ فِي الدَّيْنِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] ، فَكَانَ حُكْمُهُ فِي الدَّيْنِ يُقْبَلُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا: مُخْتَلِفٌ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُ نَاسِخٌ لِبَعْضٍ، وَلَكِنْ يُقَالُ: مُخْتَلِفٌ، عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ غَيْرُ صَاحِبِهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا قُلْتُ: لَا يَقْسِمُ الْمُدَّعُونَ الدَّمَ إِلَّا بِدَلَالَةٍ؛ اسْتِدْلَالًا بِمَا وَصَفْتُ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانَتْ مِنْ أَعْدَى النَّاسِ لِلْيَهُودِ؛ لِقَطْعِهَا مَا كَانَ بَيْنَهَا، وَقَتْلِهَا رِجَالِهَا، وَإِجْلَائِهَا عَنْ بِلَادِهَا، وَفُقِدَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَوُجِدَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ قَتِيلًا فِي مَنْزِلِهِمْ، وَدَارُهُمْ مُحَصَّنَةٌ لَا يَخْلِطُهُمْ فِيهَا غَيْرُهُمْ، فَكَانَ فِيمَا وَصَفْتُ دَلَائِلُ مِنْ عِلْمِهَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ إِلَّا يَهُودُ لِبُغْضِهِمْ، فَعَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْصَارِ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَسْتَحِقُّوا، فَأَبَوْا، فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ أَنْ تَحْلِفَ يَهُودُ فَيُبَرِّئَهُمْ بِخَمْسِينَ يَمِينًا، فَأَبَوْا، فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا تَطَوُّعٌ، فَإِذَا كَانَ فِي مِثْلِ هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى مَنْ يَعْلَمُهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي فِيهَا الْقَتِيلُ أَوْ بَعْضُهَا قَتَلَتْهُ، كَانَتِ الْقَسَامَةُ فِيهِ، وَاسْتَحَقَّ أَهْلُهُ بِهَا الْعَقْلَ لَا الدَّمَ، وَإِذَا أَبَوْا حَلَفَ لَهُمْ مَنِ ادَّعَوْا عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ يُبَرَّؤُنَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ» ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يُبَرَّؤُنَ بِالْأَيْمَانِ، وَمِثْلُ هَذَا وَأَكْثَرُ مِنْهُ تَدْخُلُ الْجَمَاعَةُ الْبَيْتَ، فَيُدْخَلُ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمُ الْقَتِيلُ، فَيَغْلِبُ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ قَتَلَهُ، أَوْ يُوجَدُ الرَّجُلُ بِالْفَلَاةِ مُتَلَطِّخَ الثِّيَابِ بِالدَّمِ، أَوِ السَّيْفِ، وَعِنْدَهُ الْقَتِيلُ لَيْسَ قُرْبَهُ عَيْنٌ وَلَا أَثَرُ عَيْنٍ، فَيَغْلِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ هَذَا أَنَّهُ قَتَلَهُ، أَوْ أَخْبَارُ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ خَبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْقَتِيلِ، وَأَتَى وَاحِدٌ مِنْ جِهَةٍ وَامْرَأَةٌ مِنْ أُخْرَى، أَوْ صَبِيُّ مِنْ أُخْرَى، أَوْ كَافِرٌ مِنْ أُخْرَى، وَأَثْبَتَ كُلُّهُمْ رَجُلًا فَقَالُوا: هَذَا قَتَلَهُ، وَغُيِّبَ، فَأُرُوا غَيْرَهُ فَقَالُوا: لَمْ يَقْتُلْهُ هَذَا، وَمَا كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي فَادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْمَيِّتِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا تَوَاطَؤَا عَلَى الْبَاطِلِ بَعْدَ الْقَتْلِ، فِيمَا لَا يُمَكِنُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ وُجُوهٍ مُتَفَرِّقَةٍ اجْتَمَعُوا فَتَوَاطَؤَا عَلَى أَنْ يَقُولُوا: إِنَّهُ قَتَلَهُ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَسَامَةٌ، يُحَلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَيُبَرَّؤُنَ

اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 668
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست