responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 663
§بَابُ الْخِلَافِ فِي الْعَرَايَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَجِدِ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ الْقَوْلَ بِالْحَدِيثِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ مِنَ الشَّبَهِ مَا وَجَدُوا فِي الْمُجْمَلِ مَعَ الْمُفَسَّرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَلْقَوْنَ بِهِمَا قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَيْسَ لَهُمْ بَصَرٌ بِمَذَاهِبِهِ، فَيُشَبِّهُونَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْمُجْمَلِ مَعَ الْمُفَسَّرِ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ: حَلَالٌ، فَخَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَوَافَقَنَا، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَادَ صَاحِبُهُ الَّذِي خَالَفَهُ فَقَالَ: لَا بَأْسَ حِنْطَةٍ بِحِنْطَةٍ مَبْلُولَةٍ، وَإِحْدَاهُمَا أَكْثَرُ ابْتِلَالًا مِنَ الْأُخْرَى، وَلَا رُطَبٍ بِرُطَبٍ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ أَظْهَرَ الْأَخْذَ بِالْحَدِيثِ جُمْلَةً، ثُمَّ خَالَفَ مَعْنَاهُ فِيمَا وَصَفْتُ وَقَالَ: وَلَا بَأْسَ بِتَمْرَةٍ بِتَمْرَتَيْنِ، وَثَلَاثٍ بِأَرْبَعٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُكَالُ، فَقِيلَ لَهُ: إِذَا كَانَ التَّمْرُ مُحَرَّمًا إِلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ، فَكَيْفَ أَجَزْتَ مِنْهُ قَلِيلًا بِأَكْثَرَ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا يُكَالُ، فَهَكَذَا كُلُّ التَّمْرِ إِذَا فُرِّقَ قَلِيلًا، وَإِنَّمَا تُجْمَعُ تَمْرَةٌ إِلَى أُخْرَى فَتُكَالُ، وَفِي نَهْيِ النَّبِيِّ «إِلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ» دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ عَدَدًا بِعَدَدٍ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَدْ أَجَزْتُهُ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْهُ إِلَّا مُسْتَوِيًا بِالْكَيْلِ. قَالَ الرَّبِيعُ: قَالَ، يَعْنِي الشَّافِعِيَّ: وَخَالَفُونَا مَعًا فِي الْعَرَايَا فَقَالُوا: لَا نُجِيزُ بَيْعَهَا، وَقَالُوا: نَرُدُّ إِجَازَةَ بَيْعِهَا بِنَهْيِ النَّبِيِّ عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَنَهْيِهِ عَنِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَيَيْنِ، فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ قَالَ هَذَا مِنْهُ: فَإِنْ أَجَازَ إِنْسَانٌ بَيْعَ الْمُزَابَنَةِ بِالْعَرَايَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ قَدْ أَجَازَ بَيْعَ الْعَرَايَا، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، قُلْنَا: هَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إِلَّا كَهِيَ عَلَيْكُمْ فِي أَنْ يُطَاعَ رَسُولُ اللَّهِ، فَنُحِلُّ مَا أَحَلَّ، وَنُحَرِّمُ مَا حَرَّمَ، أَرَأَيْتَ لَوَ أَدْخَلَ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ مِثْلَ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ، وَتَقُولُونَ: فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا يُعْطَى إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَمَنْ حَلَفَ بَرِئَ، لِمَ تَقُولُونَ فِي قَتِيلٍ يُوجَدُ فِي مَحِلَّةٍ: يَحْلِفُ أَهْلُ الْمَحِلَّةِ وَيُغَرَّمُونَ الدِّيَةَ، فَتُغَرِّمُونَ مَنْ حَلَفَ، وَتُعْطُونَ مَنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ الْبَيِّنَةُ، أَفَخَالَفْتُمْ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ؟ قَالُوا: لَا، وَلَكِنَّهُ جُمْلَةٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْخَاصُّ، وَلَمَّا وَجَدْنَا عُمَرَ يَقْضِي فِي الْقَسَامَةِ فَيُعْطِي بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَيُحَلِّفُ وَيُغَرِّمُ، قُلْنَا: جُمْلَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَا يَجْهَلُ قَوْلَ النَّبِيِّ وَلَا يُخَالِفُهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقِيلَ لَهُ: أَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ أَدَلُّ عَلَى قَوْلِهِ أَمْ قَوْلُ غَيْرِهِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ أَدَلُّ عَلَى قَوْلِهِ، قُلْتُ: وَهُوَ الَّذِي زَعَمْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا بِقَوْلِ نَفْسِ الْقَائِلِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَقَدْ يَخْفَى عَلَيْنَا قَوْلُهُ، قَالَ: وَكَيْفَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: أُحِلُّ مَا أَحَلَّ مِنْ بَيْعِ الْعَرَايَا، وَأُحَرِّمُ مَا حَرَّمَ مِنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ، وَبَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ سِوَى الْعَرَايَا، وَأَزْعُمُ أَنْ لَمْ يُرِدْ بِمَا حَرَّمَ مَا أَحَلَّ، وَلَا بِمَا أَحَلَّ مَا حَرَّمَ، فَأُطِيعُهُ فِي الْأَمْرَيْنِ، وَمَا عَلِمْتُكَ إِلَّا عَطَّلْتَ نَصَّ قَوْلِهِ فِي الْعَرَايَا، وَعَامَّةُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ النَّهْيُ فِي الْمُزَابَنَةِ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ أَرْخَصَ فِي الْعَرَايَا، فَلَمْ يَكُنْ لْلتَّوَهُّمِ هَا هُنَا مَوْضِعٌ، فَنَقُولُ: الْحَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ، وَلَقَدْ خَالَفَهُ فِي فُرُوعِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، قَالَ: وَوَافَقَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي جُمْلَةِ قَوْلِنَا فِي بَيْعِ الْعَرَايَا، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: لَا تُبَاعُ إِلَّا مِنْ صَاحِبِهَا الَّذِي أَعْرَاهَا إِذَا تَأَذَّى بِدُخُولِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ بِتَمْرٍ إِلَى الْجُذَاذِ، قَالَ: فَمَا عَلِمْتُهُ أَحَلَّهَا فَيُحِلُّهَا لِكُلِّ مُشْتَرٍ، وَلَا حَرَّمَهَا فَيَقُولُ قَوْلَ مَنْ حَرَّمَهَا، وَزَادَ فَقَالَ: تُبَاعُ بِتَمْرٍ نَسِيئَةً، وَالنَّسِيئَةُ عِنْدَهُ فِي الطَّعَامِ حَرَامٌ، وَلَمْ يُذْكَرْ عَنِ النَّبِيِّ وَلَا غَيْرِهِ أَنَّهُ أَجَازَ أَنْ تُبَاعَ بِدَيْنٍ، فَكَيْفَ جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ الدَّيْنَ فِي الطَّعَامِ بِلَا خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَنْ يُحِلَّ بَيْعًا مِنْ إِنْسَانٍ يُحَرِّمُهُ مِنْ غَيْرِهِ؟ فَشَرَكَهُمْ صَاحِبُنَا فِي رَدِّ بَيْعِ الْعَرَايَا فِي حَالٍ، وَزَادَ عَلَيْهِمْ إِذَا أَحَلَّهَا إِلَى الْجُذَاذِ، فَجَعَلَ طَعَامًا بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ وَإِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ الْجُذَاذَ مَجْهُولٌ، وَالْآجَالُ لَا تَجُوزُ إِلَّا مَعْلُومَةً، قَالَ: وَالْعَرَايَا الَّتِي أَرْخَصَ رَسُولُ اللَّهِ فِيهَا فِيمَا ذَكَرَ مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقُلْتُ: مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ الَّتِي تُحِلُّونَهَا؟ فَقَالَ: فُلَانٌ وَأَصْحَابُهُ شَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنَّ الرُّطَبَ يَحْضُرُ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ ذَهَبٌ وَلَا وَرِقٌ يَشْتَرُونَ بِهَا، وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ تَمْرٍ مِنْ قُوتِ سَنَتِهِمْ، فَأَرْخَصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَشْتَرُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا

اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 663
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست