responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 649
§بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ §نَهَى أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا. قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ

أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ، فَلَا تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقَدِ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا §فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ يُعَدُّ هَذَا اخْتِلَافًا، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْجُمَلِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى الْمُعَادِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ الْقَوْمُ عُرْبًا، إِنَّمَا عَامَّةُ مَذَاهِبِهِمْ فِي الصَّحَارِي، وَكَثِيرٌ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ لَا حَشَّ فِيهَا يَسْتُرُهُمْ، فَكَانَ الذَّاهِبُ لِحَاجَتِهِ إِذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، أَوِ اسْتَدْبَرَهَا، اسْتَقْبَلَ الْمُصَلَّى بِفَرْجِهِ، أَوِ اسْتَدْبَرَهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ ضَرُورَةٌ فِي أَنْ يُشَرِّقُوا أَوْ يُغَرِّبُوا، فَأُمِرُوا بِذَلِكَ، وَكَانَتِ الْبُيُوتُ مُخَالِفَةً لِلصَّحَرَاءِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهَا كَانَ مَنْ فِيهِ مُسْتَتِرًا لَا يَرَاهُ إِلَّا مَنْ دَخَلَ أَوْ أَشْرَفَ عَلَيْهِ، وَكَانَتِ الْمَذَاهِبُ بَيْنَ الْمَنَازِلِ مُتَضَايِقَةً لَا يُمْكِنُ مِنَ التَّحَرُّفِ فِيهَا مَا يُمْكِنُ فِي الصَّحْرَاءِ، فَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ مَا رَأَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ اسْتِقْبَالِهِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ مُسْتَدْبِرٌ الْكَعْبَةَ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنِ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الصَّحْرَاءِ دُونَ الْمَنَازِلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَسَمِعَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ النَّهْيَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ مِنَ اسْتِقْبَالِهِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ، فَخَافَ الْمَأْثَمَ فِي أَنْ يَجْلِسَ عَلَى مِرْحَاضٍ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ، وَتَحَرَّفَ لِئَلَّا يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهُ، وَرَأَى ابْنُ عُمَرَ النَّبِيَّ فِي مَنْزِلِهِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ، فَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ نَهَى عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِحَاجَتِهِ، وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يُرْوَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ خِلَافُهُ، وَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمْ فَرَآهُ رَأَيًا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْزُوهُ إِلَى النَّبِيِّ، وَمَنْ عَلِمَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَرَآهُمَا مُحْتَمَلَيْنِ أَنْ يُسْتَعْمَلَا، اسْتَعْمَلَهُمَا مَعًا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَالَ -[650]- تَفْتَرِقُ فِيهِمَا بِمَا قُلْنَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خاصَّ الْعِلْمِ لَا يُوجَدُ إِلَّا عِنْدَ الْقَلِيلِ، وَقَلَّمَا يَعُمُّ عِلْمَ الْخَاصِّ، وَهَذَا مِثْلُ حَدِيثِ النَّبِيِّ فِي الصَّلَاةِ جَالِسًا، وَالْقَوْمُ خَلْفَهُ قِيَامٌ وَجُلُوسٌ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى سَلَمَةُ بْنُ وَهْرَامَ، عَنْ طَاوُسٍ: «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُكْرِمَ قِبْلَةَ اللَّهِ، أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ» . قِيلَ لَهُ هَذَا مُرْسَلٌ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ لَا يُثْبِتُونَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ كَانَ كَحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ مُسْنَدٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ أَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مِنْهُ لَوْ خَالَفَهُ، فَإِنْ كَانَ طَاوُسٌ: «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُكْرِمَ قِبْلَةَ اللَّهِ، أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا» ، فَإِنَّمَا سَمِعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ، فَأَنْزَلَ ذَلِكَ عَلَى إِكْرَامِ الْقِبْلَةِ، وَهِيَ أَهْلٌ أَنْ تُكْرَمَ، وَالْحَالُ فِي الصَّحَارِي كَمَا حَدَّثَ أَبُو أَيُّوبَ، وَفِي الْبُيُوتِ كَمَا حَدَّثَ ابْنُ عُمَرَ، لَا أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَبْنُونَ مَسَاجِدَ بِحَطِّ حِجَارَةٍ فِي الطَّرِيقِ، فَنُهِيَ أَنْ تُسْتَقْبَلَ لِلْغَائِطِ أَوِ الْبَوْلِ، فَيَكُونُ مُتَغَوِّطًا فِي الْمَسَاجِدِ أَوْ مُسْتَدْبِرًا، فَيَكُونُ الْغَائِطُ وَالْبَوْلُ يُعِينُ الْمُصَلِّي إِلَيْهَا، وَيَتَأَذَّى بِرِيحِهِ، وَهَذَا فِي الصَّحَارِي مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِغَيْرِهِ، بِأَنْ يُقَالَ: اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ؛ وَذَلِكَ أَنْ يَتَغَوَّطَ فِي مَمَرِّ النَّاسِ فِي طَرِيقٍ مِنْ ظِلَالِ الْمَسْجِدِ، أَوِ الْبُيُوتِ، وَالشَّجَرِ، وَالْحِجَارَةِ، وَعَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، وَمَوَاضِعِ حَاجَةِ النَّاسِ فِي الْمَمَرِّ وَالْمَنْزِلِ

اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 649
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست