responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 633
حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «§أَسْفِرُوا بِالصُّبْحِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ» ، أَوْ قَالَ: «لِلْأَجْرِ»

§بَابُ الْإِسْفَارِ وَالتَّغْلِيسِ بِالْفَجْرِ

أَخْبَرَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «§كُنَّ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ يُصَلِّينَ مَعَ النَّبِيِّ، وَهُنَّ مُتَلَفِّعَاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى أَهْلِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْغَلَسِ» قَالَ: وَرَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ مَا يُوَافِقُ هَذَا، وَرَوَى مِثْلَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقُلْنَا: إِذَا انْقَطَعَ الشَّكُّ فِي الْفَجْرِ الْآخِرِ وَبَانَ مُعْتَرِضًا فَالتَّغْلِيسُ بِالصُّبْحِ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْإِسْفَارُ بِالْفَجْرِ أَحَبُّ إِلَيْنَا. قَالَ: وَرُوِيَ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذْنَا بِأَحَدِهِمَا، وَذَكَرَ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقَالَ: أَخَذْنَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَرْفَقَ بِالنَّاسِ، قَالَ: وَقَالَ لِي: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ، فَلِمَ صِرْتَ إِلَى التَّغْلِيسِ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ التَّغْلِيسَ أَوْلَاهُمَا بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ، وَأَثْبَتُهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَأَشْبَهُهُمَا بِجُمَلِ سُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْرَفُهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ: فَاذْكُرْ ذَلِكَ، قُلْتُ: قَالَ اللَّهُ -[634]- تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] ، فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَّهَا الصُّبْحُ، وَكَانَ أَقَلَّ مَا فِي الصُّبْحِ إِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ أَنْ تَكُونَ مِمَّا أُمِرْنَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَلَّتِ السُّنَّةُ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ، أَنَّ الْفَجْرَ إِذَا بَانَ مُعْتَرِضًا فَقَدْ جَازَ أَنْ يُصَلَّى الصُّبْحُ، عَلِمْنَا أَنْ مُؤَدَّى الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِنْ مُؤَخَّرِهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ» ، وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا» ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُؤْثِرُ عَلَى رِضْوَانِ اللَّهِ، وَلَا عَلَى أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، شَيْئًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي امْرِئٍ أَرَادَ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ يَتَعَجَّلُهُ مُبَادَرَةَ مَا لَا يَخْلُو مِنْهُ الْآدَمَيُّونَ مِنَ النِّسْيَانِ وَالشُّغْلِ، وَمُقَدَّمُ الصَّلَاةِ أَشَدُّ فِيهَا تَمَكُّنًا مِنْ مُؤَخَّرِهَا، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ الْمُقدَّمَةُ مِنْ أَعْلَى أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ، وَأُمِرْنَا بِالتَّغْليسِ بِهَا لِمَا وَصَفْتُ، فَقَالَ: فَأَيْنَ أَنَّ حَدِيثَكَ الَّذِي ذَهَبْتَ إِلَيْهِ أَثْبَتُهُمَا؟ قُلْتُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَثَالِثٍ مَعَهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّغْلِيسِ، أَثْبَتُ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَحْدَهُ فِي أَمْرِهِ بِالْإِسْفَارِ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَا يَأْمُرُ بِأَنْ تُصَلَّى صَلَاةٌ فِي وَقْتٍ، وَيُصَلِّيهَا فِي غَيْرِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَثْبَتُ الْحُجَجِ وَأَوْلَاهَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ» ، وَقَوْلِهِ إِذْ سُئِلَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا» . قَالَ: فَقَالَ: فَيُخَالِفُ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ حَدِيثَكُمْ فِي التَّغْلِيسِ، قُلْتُ: إِنْ خَالَفَهُ فَالْحُجَّةُ فِي أَخْذِنَا بِحَدِيثِنَا مَا وَصَفْتُ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَلَّا يُخَالِفَهُ بِأَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَمَرَنَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، وَإِنَّهُ رِضْوَانُ اللَّهِ، فَلَعَلَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ سَمِعَهُ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُسْفِرُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ الْآخِرُ، فَلَا يَكُونُ مَعْنَى حَدِيثِ رَافِعٍ مَا أَرَدْتَ مِنَ الْإِسْفَارِ، وَلَا يَكُونُ حَدِيثُهُ مُخَالِفًا حَدِيثَنَا، قَالَ: فَمَا ظَاهِرُ حَدِيثِ رَافِعٍ؟ قُلْتُ: الْأَمْرُ بِالْإِسْفَارِ لَا بِالتَّغْلِيسِ، وَإِذَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْأَحَادِيثِ كَانَ أَوْلَى بِنَا أَلَّا نَنْسِبَهُ إِلَى الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا فَالْحُجَّةُ فِي تَرْكِنَا إِيَّاهُ؛ بِحَدِيثِنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا وَصَفْتُ مِنَ الدَّلَائِلِ مَعَهُ

قَالَ الْشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَا يُجْزِئُ مُتَوَضِّئًا إِلَّا أَنْ يَغْسِلَ ظُهُورَ قَدَمَيْهِ وَبُطُونَهُمَا وَأَعْقَابَهُمَا، وَكَعْبَيْهِ مَعًا، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَسَحَ عَلَى ظُهُورِ قَدَمَيْهِ، وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَشَّ عَلَى ظُهُورِهِمَا. وَأَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ وَجْهٍ صَالِحِ الْإِسْنَادِ. قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِمَ لَا يُجْزِئُ مَسْحُ ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ أَوْ رَشُّهُمَا، وَلَا يَكُونُ مُضَادًّا لِحَدِيثِ: إِنَّ النَّبِيَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ، كَمَا أَجْزَأَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ مُضَادًّا لِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ؟ قِيلَ لَهُ: الْخُفَّانِ حَائِلَانِ دُونَ الْقَدَمَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا يُضَادُّ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ، وَهُوَ غَيْرُهُمَا، وَالَّذِي قَالَ: مَسْحُ أَوْ رَشُّ ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ، فَقَدْ زَعَمَ أَنْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ غَسْلُ بَطْنِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا تَخْلِيلٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِمَا، وَلَا غَسْلُ أَصَابِعِهِمَا، وَلَا غَسْلُ عَقِبَيْهِ، وَلَا كَعْبَيْهِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» ، وَقَالَ: «وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ» ، وَلَا يُقَالُ: وَيْلٌ لَهُمَا مِنَ النَّارِ إِلَّا وَغَسْلُهُمَا وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الْعَذَابَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأَعْمَى يَتَوَضَّأُ: «بَطْنَ الْقَدَمِ، بَطْنَ الْقَدَمِ» ، فَجَعَلَ الْأَعْمَى يَغْسِلُ بَطْنَ الْقَدَمِ وَلَا يَسْمَعُ النَّبِيَّ، فَسُمِّيَ: الْبَصِيرَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا جَعَلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ مَسْحِ ظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ وَرَشِّهِمَا؟ قِيلَ: أَمَّا أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ فَلَيْسَ مِمَّا يُثْبِتُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَوِ انْفَرَدَ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ فَحَسَنُ الْإِسْنَادِ، وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا ثَبَتَ، وَالَّذِي يُخَالِفُهُ أَكْثَرُ وَأَثْبَتُ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا كَانَ أَوْلَى، وَمَعَ الَّذِي خَالَفَهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ كَمَا وَصَفْتُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنَ الْعَامَّةِ

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ سَالِمٍ سَبَلَانَ مَوْلَى النَّضْرِيِّينَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَتْ تَخْرُجُ بِأَبِي حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا، قَالَ: فَأَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِوَضُوءٍ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§وَيْلٌ لِلْأَعَقْابِ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 633
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست