responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 623
، فَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الشِّرْكِ، وَخَالَفَ بَيْنَهُمْ فِي الْقِتَالِ عَلَى الشِّرْكِ. فَقَالَ، أَوْ قَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ: مَا فِي هَذَا مَا أَنْكَرَهُ عَالِمٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ لَهُ: لَمْ يَذْهَبْ هَذَا الْمَذْهَبَ أَحَدٌ لَهُ عِلْمٌ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوِ السُّنَّةِ، قَالَ: وَمِنْ أَيْنَ؟ قُلْتُ: السُّنَّةُ لَا تَكُونُ أَبَدًا إِلَّا تَبَعًا لِلْقُرْآنِ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ وَلَا تُخَالِفُهُ، فَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ نَصًّا فَهِيَ مِثْلُهُ، وَإِذَا كَانَ جُمْلَةً أَبَانَتْ مَا أُرِيدَ بِالْجُمْلَةِ، ثُمَّ لَا تَكُونُ إِلَّا وَالْقُرْآنُ مُحْتَمِلٌ مَا أَبَانَتِ السُّنَّةُ مِنْهُ؟ قَالَ: أَجَلْ، قُلْتُ: فَمَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، خَرَجَ مِنَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، مِنَ الْكِتَابِ إِلَى غَيْرِ كِتَابٍ، وَمِنَ السُّنَّةِ إِلَى غَيْرِ السُّنَّةِ، وَذَهَبَ فِي الْمَجُوسِ إِلَى أَمْرٍ جَهِلَهُ، فَقَالَ فِيهِمْ بِالْجَهَالَةِ. قَالَ: إِنَّهُ شُبِّهَ عَلَيْهِمْ فِي أَلَّا تُؤْكَلَ ذَبَائِحُهُمْ. قُلْتُ: لَا، وَلَا ذَبَائِحُ نَصَارَى الْعَرَبِ، وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ كَمَا وَصَفْتُ بِأَنْ يَجْتَمِعُوا فِي جُمْلَةِ مَنْ أُوتِيَ الْكِتَابَ، وَالَّذِينَ أَمَرَ بِنِكَاحِ نِسَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَكْلِ ذَبَائِحِهِمْ، أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ دُونَ غَيْرِهِمْ.

§بَابٌ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي

حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ، قَالَ: قَالَ الْشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: §أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ رَاهَقْتُ الِاحْتِلَامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُ حِمَارِي يَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ ". حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَيْسَ يُعَدُّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا مُخْتَلِفًا، وَهُوَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُؤَدَّاةِ لَمْ يَتَقَصَّ الْمُؤَدِّي لَهَا أَسْبَابَهَا، وَبَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى بَعْضٍ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ الْمُصَلِّيَ أَنْ يَسْتَتِرَ بِالدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ اخْتِيَارًا، لَا أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَلَا أَنَّ شَيْئًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالنَّاسُ يَطُوفُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ سُتْرَةٌ، وَهَذِهِ صَلَاةُ انْفِرَادٍ لَا جَمَاعَةٍ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ بِمِنًى صَلَاةَ جَمَاعَةٍ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَفْسُدُ بِمُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمْ يُصَلِّ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَلَا أَحَدَ وَرَاءَهُ يَعْلَمُهُ، وَقَدْ مَرَّ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أَتَانٍ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ الَّذِي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَهَكَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَمْرُهُ بِالْخَطِّ فِي الصَّحْرَاءِ اخْتِيَارٌ، وَقَوْلُهُ: لَا يُفْسِدُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ، أَنْ يَلْهُوَ بِبَعْضِ مَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَصِيرُ إِلَى أَنْ يُحْدِثَ مَا يُفْسِدُهَا لِمُرُورِ مَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُكْرَهُ لِلْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَعَلَّ تَشْدِيدَهُ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى تَرْكِهِمْ نَهْيَهُ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَمُرُّوا بَيْنَ يَدَه» ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ، وَلَوْ كَانَ يَقْطَعُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ مَا أَبَاحَ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَقْطَعَ صَلَاةَ مُسْلِمٍ، وَهَكَذَا مِنْ مَعْنَى مُرُورِ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يُصَلِّي، وَالنَّاسُ فِي الطَّوَافِ، وَمِنْ مُرُورِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ بِمِنًى، لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُمَرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي الْمُسْتَتِرِ، وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُمَرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي الَّذِي لَا يَسْتَتِرُ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْتَتِرِ: «إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيُقَاتِلْهُ» ، يَعْنِي فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مُرُورَ الْكَلْبِ وَالْحِمَارِ يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمُصَلِّي إِذَا مَرَّا بَيْنَ يَدَيْهِ، قِيلَ: لَا يَجُوزُ إِذَا رُوِيَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ» ، وَكَانَ مُخَالِفًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَثْبَتَ مِنْهُ، وَمَعَهَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنْ يُتْرَكَ إِنْ -[624]- كَانَ ثَابِتًا، إِلَّا بِأَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ الْمَنْسُوخَ حَتَّى نَعْلَمَ الْآخِرَ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ الْآخِرَ، أَوْ يَرِدَ مَا يَكُونُ غَيْرَ مَحْفُوظٍ، وَهُوَ عِنْدَنَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى وَعَائِشَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، وَصَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ يَضَعُهَا فِي السُّجُودِ، وَيَرْفَعُهَا فِي الْقِيَامِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ لَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنَ الْأَمْرَيْنِ، وَصَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ يَرُدُّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ؛ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ أُخِذَتْ فِيهِ أَشْيَاءُ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ مِنْ هَذَا؟ قِيلَ: قَضَاءُ اللَّهِ أَنْ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّهُ لَا يُبْطِلُ عَمَلُ رَجُلٍ عَمَلَ غَيْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ سَعْيُ كُلٍّ لِنَفْسِهِ وَعَلَيْهَا، فَلَمَّا كَانَ هَذَا هَكَذَا، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُرُورُ رَجُلٍ يَقْطَعُ صَلَاةَ غَيْرِهِ

اسم الکتاب : اختلاف الحديث المؤلف : الشافعي    الجزء : 8  صفحة : 623
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست