اسم الکتاب : العمدة من الفوائد والآثار الصحاح في مشيخة شهدة المؤلف : شُهْدة بنت أحمد الجزء : 1 صفحة : 104
...................................................................
= فقالوا: صلينا الصلاة المكتوبة ثم قعدنا نتذاكر كتاب الله وسنة نبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا ذكر شيء تعاظم ذكره".
وفي المعنى أحاديث أخر متعددة.
وقد أخبر صلى الله عليه وآله وسلم أن جزاء الذين يجلسون في بيت الله يتدارسون كتاب الله أربعة أشياء؛ أحدها: تنزل السكينة عليهم.
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس فتغشته سحابة فجعلت تدور وتدنو، وجعل فرسه ينفر منه، فلما أصبح أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فذكر ذلك له، فقال: "تلك السكينة تنزل للقرآن".
وفيهما أيضًا عن أبي سعيد أن أسيد بن حضير بينما هو ليلة يقرأ في مربده إذ جالت فرسه فقرأ، ثم جالت أخرى فقرأ، ثم جالت أيضًا، قال أسيد: فخشيت أن يطأ يحيى -يعني ابنه- قال: فقمت إليها فإذا مثل الظلة فوق رأسي فيها مثل أمثال السُّرُج عرجت في الجو حتى ما أراها، فغدا على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فذكر ذلك له، فقال: "تلك الملائكة كانت تسمع لك، ولو قرأت لأصبحت تراها الناس ما تستتر منهم" واللفظ لمسلم فيهما.
وروى ابن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زَحْر عن سعد بن مسعود: أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان في مجلس فرفع بصره إلى السماء ثم طأطأ بصره ثم رفعه، فسئل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن ذلك فقال: "إن هؤلاء القوم كانوا يذكرون الله تعالى -يعني أهل مجلس أمامه- فنزلت عليهم السكينة تحملها الملائكة كالقبة، فلما دنت منهم تكلم رجل منهم بباطل فرفعت عنهم"، وهذا مرسل.
والثاني: غشيان الرحمة، قال الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} . وخرج الحاكم من حديث سلمان أنه كان في عصابة يذكرون الله تعالى، فمر بهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: "ما كنتم تقولون، فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأردت أن أشارككم فيها".
وخرج البزار من حديث أنس عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا إليهم حفوا بهم ثم بعثوا رائدهم إلى السماء إلى رب العزة تعالى فيقولون: ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك ويسألونك لآخرتهم ودنياهم، فيقول الله تعالى: غشوهم برحمتي، فيقولون: ربنا إن فيهم فلانًا الخطاء إنما اعتنقهم اعتناقًا، فيقول تعالى: غشوهم برحمتي".
والثالث: أن الملائكة تحف بهم، وهذا مذكور في الأحاديث التي ذكرناها. وفي حديث أبي هريرة المتقدم: "فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا". وفي رواية الإمام أحمد: "علا بعضهم على بعض حتى يبلغوا العرش". وقال خالد بن معدان يرفع الحديث: "إن ملائكة في الهواء يسيحون بين السماء والأرض يلتمسون الذكر، فإذا سمعوا قومًا يذكرون الله تعالى قالوا: رويدًا زادكم الله، فينشرون أجنحتهم حولهم حتى يصعد كل منهم إلى العرش" خرجه الخلال في كتاب السنة.
والرابع: أن الله يذكرهم فيمن عنده، وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم".
وهذه الخصال الأربع لكل مجتمع على ذكر الله تعالى، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد كلاهما عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إن لأهل ذكر الله تعالى أربعًا: تنزل عليه السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحف بهم الملائكة، ويذكرهم الرب فيما عنده"، وقد قال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} ، وذِكْرُ الله لعبده هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى بين ملائكته ومباهاته به =
اسم الکتاب : العمدة من الفوائد والآثار الصحاح في مشيخة شهدة المؤلف : شُهْدة بنت أحمد الجزء : 1 صفحة : 104