اسم الکتاب : العمدة من الفوائد والآثار الصحاح في مشيخة شهدة المؤلف : شُهْدة بنت أحمد الجزء : 1 صفحة : 103
....................................................................
= على القرآن بعد صلاة الصبح؛ ولكن أهل الشام يقرءون القرآن كلهم جملة من سورة واحدة بأصوات عالية، وأهل البصرة وأهل مكة يجتمعون فيقرأ أحدهم عشر آيات والناس ينصتون، ثم يقرأ آخر عشر آيات حتى يفرغوا. قال حرب: وكل ذلك حسن جميل. وقد أنكر مالك ذلك على أهل الشام.
قال زيد بن عبيد الدمشقي: قال لي مالك بن أنس: بلغني أنكم تجلسون حلقًا تقرءون، فأخبرته بما كان يفعل أصحابنا، فقال مالك: عندنا كان المهاجرون والأنصار ما نعرف هذا، قال: فقلت: هذا طريف، قال: وطريف رجل يقرأ ويجتمع الناس حوله، فقال: هذا من غير رأينا.
قال أبو مصعب وإسحاق بن محمد الفروي: سمعنا مالك بن أنس يقول: الاجتماع بكرة بعد صلاة الصبح لقراءة القرآن بدعة، ما كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولا العلماء بعدهم على هذا، كانوا إذا صلوا يخلو كل بنفسه ويقرأ ويذكر الله تعالى، ثم ينصرفون من غير أن يكلم بعضهم بعضًا اشتغالًا بذكر الله، فهذه كلها محدثة.
وقال ابن وهب: سمعت مالكًا يقول: لم تكن القراءة في المسجد من أمر الناس القديم، وأول من أحدث في المسجد الحجاج بن يوسف. قال مالك: وأنا أكره ذلك الذي يقرأ في المسجد في المصحف. وقد روى هذا كله أبو بكر النيسابوري في كتاب مناقب مالك رحمه الله. واستدل الأكثرون على استحباب الاجتماع لمدارسة القرآن في الجملة بالأحاديث الدالة على استحباب الاجتماع للذكر، والقرآن أفضل أنواع الذكر.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تعالى تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم هو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ " قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا والله ما رأوك، فقال: كيف لو رأوني؟ فيقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأكثر لك تحميدًا وتمجيدًا وأكثر لك تسبيحًا، فيقول: فما يسألوني؟ قالوا: يسألونك الجنة، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد حرصًا عليها وأشد لها طلبًا وأشد فيها رغبة، قال: فممَّ يتعوذون؟ فيقولون: من النار، قال: فيقول: هل رأوها؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد منها فرارًا وأشد لها مخافة، فيقول الله تعالى: أشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجته، قال: هم الجلساء لا يشقى جليسهم".
وفي صحيح مسلم عن معاوية أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خرج على حلقة من أصحابه فقال: "ما أجلسكم؟ " قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده لما هدانا للإسلام ومنَّ علينا به، فقال: "آلله ما أجلسكم إلا ذلك"، قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال: "أما إني لم أستحلفكم لتهمة لكم؛ ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة".
وخرج الحاكم من حديث معاوية قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يومًا فدخل المسجد فإذا هو بقوم في المسجد قعود، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أقعدكم؟ " =
اسم الکتاب : العمدة من الفوائد والآثار الصحاح في مشيخة شهدة المؤلف : شُهْدة بنت أحمد الجزء : 1 صفحة : 103