اسم الکتاب : العمدة من الفوائد والآثار الصحاح في مشيخة شهدة المؤلف : شُهْدة بنت أحمد الجزء : 1 صفحة : 101
.......................................................................
= مسير إلا وكان في قراءة، ولا نزلنا منزلًا إلا كان في صلاة، قال: "فمن كان يكفيه ضيعته"، حتى ذكر: "ومن كان يعلف جمله أو دابته؟ " قالوا: نحن، قال: "فكلكم خير منه".
5- "ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة":
وقد روى هذا المعنى أبو الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وسلوك الطريق لالتماس العلم يدخل فيه سلوك الطريق الحقيقي، وهو المشي بالأقدام إلى مجالس العلماء، ويدخل فيه سلوك الطرق المعنوية المؤدية إلى حصول العلم مثل حفظه ومدارسته ومطالعته وكتابته والتفهم له، ونحو ذلك من الطرق المعنوية التي يتوصل بها إلى العلم.
وقوله صلى الله عليه وآله سلم: "سهل الله له طريقًا إلى الجنة" قد يراد بذلك أن الله يسهل له العلم الذي طلبه وسلك طريقه وييسره عليه، فإن العلم طريق يوصل إلى الجنة، وهذا كقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} . وقال بعض السلف: هل من طالب علم فيعان عليه.
وقد يراد أيضًا أن الله ييسر لطالب العلم إذا قصد بطلبه وجه الله تعالى والانتفاع به والعمل بمقتضاه فيكون سببًا لهدايته ولدخول الجنة بذلك. وقد ييسر الله لطالب العلم علومًا أخر ينتفع بها وتكون موصلة إلى الجنة، كما قيل: من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، وكما قيل: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها. وقد دل على ذلك قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} .
وقد يدخل في ذلك أيضًا تسهيل طريق الجنة الحسنى يوم القيامة وهو الصراط وما قبله وما بعده من الأهوال فييسر ذلك، وعلى طالب العلم للانتفاع به؛ فإن العلم يدل على الله من أقرب الطريق إليه، فمن سلك طريقه ولم يعوج عنه وصل إلى الله تعالى وإلى الجنة من أقرب الطرق وأسهلها، فسهلت عليه الطرق الموصلة إلى الجنة كلها في الدنيا والآخرة، فلا طريق إلى معرفة الله وإلى الوصول إلى رضوانه والفوز بقربه ومجاورته في الآخرة إلا بالعلم النافع الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، فهو الدليل عليه، وبه يهتدى في ظلمات الجهل والشبه والشكوك؛ ولهذا سمى الله كتابه نورًا يهتدى به في الظلمات، قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .
ومثل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حملة العلم الذي جاء به بالنجوم التي يهتدى بها في الظلمات؛ ففي المسند عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة".
وما دام العلم باقيًا في الأرض فالناس في هدى، وبقاء العلم ببقاء حملته، فإذا ذهب حملته ومن يقوم به وقع الناس في الضلال، كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الناس؛ ولكن يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم يبقَ عالم اتخذ الناس رؤساء جهالًا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضَلُّوا وأَضَلُّوا".
وذكر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يومًا رفع العلم، فقيل له: كيف يذهب العلم وقد قرأنا القرآن وأقرأناه نساءنا أوبناءنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم". فسئل عبادة بن الصامت عن هذا الحديث فقال: لو شئت أخبرتك بأول علم يرفع =
اسم الکتاب : العمدة من الفوائد والآثار الصحاح في مشيخة شهدة المؤلف : شُهْدة بنت أحمد الجزء : 1 صفحة : 101