responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 376
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ، ح الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سُفْيَانَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ح سُلَيْمَانُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§خَيْرُ أُمَّتِي أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا، وَفِي وَسَطِهَا الْكَدَرُ»

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: ح عِيسَى بْنُ يُونُسَ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: ح ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ مَرْزُوقِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي جُمْعَةَ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا؟ قَالَ: «نَعَمْ، §قَوْمٌ يَجِيئُونَ بَعْدِي يَجِدُونَ كِتَابَنَا بَيْنَ لَوْحَيْنِ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيُصَدِّقُونَ بِهِ، فَهُمْ خَيْرٌ مِنْكُمْ» فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ فِي آخِرِ أُمَّتِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ بَعْضِ مَنْ صَحِبَهُ. وَأَمَّا حَدِيثُهُ الْآخَرُ الَّذِي

حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ، قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعَبْسِيُّ، قَالَ: ح وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدًا أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ» فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي فَضِيلَةِ السَّبْقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد: 10] ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الَّذِينَ لَهُمُ السَّبْقُ بِالْإِنْفَاقِ وَالْإِيمَانِ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ غَيْرِهِمْ، وَالسَّبْقُ سَبْقَانِ: سَبْقٌ فِي الْعَمَلِ، وَسَبْقٌ فِي الدَّهْرِ، فَمَنْ كَانَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ سَبْقُ الدَّهْرِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ فَضْلٌ، وَلَيْسَ -[377]- ذَلِكَ فِي الِاكْتِسَابِ، وَإِنَّمَا هُوَ فَضْلُ اللَّهِ آتَاهُ مَنْ شَاءَ، وَسَبْقُ الْعَمَلِ هُوَ بِاكْتِسَابٍ، فَالَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا كَانُوا أَفْضَلَ مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا مِنْ وَجْهَيْنِ: فَمَنْ كَانَ سَبْقُهُ مِنْ قِبَلِ الزَّمَانِ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ زَمَانُ إِنْفَاقِهِ وَقِتَالِهِ، فَلَهُ فَضِيلَةُ سَبْقِ الزَّمَانِ الَّذِي لَا يُلَامُ مَنْ تَأَخَّرَ زَمَانُهُ عَلَى تَأَخُّرِهِ، وَمَنْ كَانَ قِتَالُهُ وَإِنْفَاقُهُ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْفَتْحِ مِنْ قِبَلِ فِعْلِهِ، فَإِنَّهُ مَلُومٌ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ إِمْكَانُ الْإِنْفَاقِ وَالْقِتَالِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَلَمْ يَفْعَلْ. فَأَمَّا تَأَخُّرُ آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَمِنْ قِبَلِ الزَّمَانِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ الْفِعْلِ فَمَنْ أَنْفَقَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَاتَلَ مَعَهُ فَازَ بِفَضِيلَةِ السَّبْقِ الَّذِي هُوَ مِنْ فِعْلِهِ لَا اكْتِسَابِهِ، فَأَمَّا الْإِنْفَاقُ وَالْقِتَالُ اللَّذَانِ هُمَا مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ فَيَجُوزُ اسْتِوَاءُ آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَوَّلِهَا غَيْرِ الْمَخْصُوصِينَ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَمْ يُدْرِكْ مُدَّ أَحَدِهِمْ أَوْ نَصِيفَهُ» مِنْ جِهَةِ السَّبْقِ الَّذِي هُوَ سَبْقُ الزَّمَانِ، وَيَكُونُ تَسَاوِيهِ بِالْخَيْرِ مِنْ جِهَةِ الِاكْتِسَابِ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ» : مِنْ جِهَةِ أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَبَذْلِهِمْ وَإِنْفَاقِهِمْ وَمَا هُوَ مِمَّا يَكْتَسِبُونَهُ، فَإِنْ أَخْبَرَهُمْ بِفِعْلِ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ إِبْرَاهِيمُ فَتَسَاوَوْا فِيهِ. وَقَوْلُهُ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي» وَسَائِرُ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ فِعْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأُولَئِكَ، فَأُولَئِكَ لَهُمْ فَضِيلَةُ السَّبْقِ فَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ مِنْ قِبَلِ الزَّمَانِ، وَالْمَعْدُودُونَ خَيْرَ النَّاسِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» فِي الْمَعْدُودِينَ وَمَنْ سِوَاهُمْ، يَجُوزُ فِيهِ تَسَاوِي أُولَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ تَفْضِيلًا وَاكْتِسَابًا، وَمَنْ سِوَاهُمْ فَأَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ سَوَاءٌ فِي الْخَيْرِ الَّذِي هُوَ أَفْعَالُهُمْ وَاكْتِسَابُهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

اسم الکتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار المؤلف : الكلاباذي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 376
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست