responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 56
§بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ الْإِبْدَاعِ وَالِاخْتِرَاعِ لَهُ
أَوَّلُهَا: اللَّهُ , قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16]

26 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ , ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ , ثَنَا أَبُو النَّضْرِ , ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ , عَنْ ثَابِتٍ , عَنْ أَنَسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: §كُنَّا نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَأْتِيَهُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلُهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ قَالَ: «صَدَقَ» قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ قَالَ: «اللَّهُ» , قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ قَالَ: «اللَّهُ» قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ؟ -[57]- , قَالَ: «اللَّهُ» قَالَ: فَمَنْ جَعَلَ فِيهَا هَذِهِ الْمَنَافِعَ قَالَ: «اللَّهُ» قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ , وَنَصَبَ الْجِبَالَ , وَجَعَلَ فِيهَا هَذِهِ الْمَنَافِعَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا قَالَ: «صَدَقَ» , قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَدَقَةً فِي أَمْوَالِنَا قَالَ: «صَدَقَ» , قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ , قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرٍ فِي سَنَتِنَا قَالَ: «صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا , قَالَ: «صَدَقَ» قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ , فَلَمَّا مَضَى قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ , قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى «اللَّهِ» : إِنَّهُ الْإِلَهُ , وَهَذَا أَكْبَرُ الْأَسْمَاءِ وَأَجْمَعُهَا لِلْمَعَانِي , وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ مَوْضُوعٌ غَيْرُ مُشْتَقٍّ , وَمَعْنَاهُ الْقَدِيمُ التَّامُّ الْقُدْرَةِ , فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ سَابِقًا لِعَامَّةِ الْمَوْجُودَاتِ كَانَ وُجُودُهَا بِهِ , وَإِذَا كَانَ تَامَّ الْقُدْرَةِ أَوْجَدَ الْمَعْدُومَ , وَصَرَفَ مَا يُوجِدُهِ عَلَى مَا يُرِيدُهُ , فَاخْتَصَّ لِذَلِكَ بِاسْمِ الْإِلَهِ , وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ أَحَدٌ سِوَاهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ , قَالَ: وَمَنْ قَالَ الْإِلَهِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ , فَقَدْ رَجَعَ قَوْلُهُ إِلَى أَنَّ الْإِلَهَ إِذَا كَانَ هُوَ الْقَدِيمُ التَّامُّ الْقُدْرَةِ كَانَ كُلُّ مَوْجُودٍ سِوَاهُ صَنِيعًا لَهُ , وَالْمَصْنُوعُ إِذَا عُلِمَ صَانِعُهُ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَخْذِيَ لَهُ بِالطَّاعَةِ وَيَذِلُّ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ , لَا أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى بِتَفْسِيرِ هَذَا الِاسْمِ قُلْتُ: وَهَذَا الِاسْتِحْقَاقُ لَا يُوجِبُ عَلَى تَارِكِهِ إِثْمًا وَلَا عِقَابًا مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] , وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ اخْتَلَفَ النَّاسُ , هَلْ هُوَ اسْمٌ مَوْضُوعٌ أَوْ مُشْتَقٌّ؟ فَرُوِيَ -[58]- فِيهِ عَنِ الْخَلِيلِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ , فَلَا يَجُوزُ حَذْفُ الْأَلْفِ أَوِ اللَّامِ مِنْهُ , كَمَا يَجُوزُ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , وَرَوَى عَنْهُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ , فَكَانَ فِي الْأَصْلِ إِلَاهٌ مِثْلَ فِعَالٍ , فَأَدْخَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ بَدَلًا مِنَ الْهَمْزَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصْلُهُ فِي الْكَلَامِ إِلَهٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ أَلَهَ الرَّجُلُ يَأْلَهُ إِلَيْهِ إِذَا فَزِعَ إِلَيْهِ مِنْ أَمَرٍ نَزَلَ بِهِ , فَآلَهَهُ أَيْ أَجَارَهُ وَآمَنَهُ , فَسُمِّيَ إِلَاهًا كَمَا يُسَمَّى الرَّجُلُ إِمَامًا إِذَا أَمَّ النَّاسَ فَأْتَمُّوا بِهِ , ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْمًا لِعَظِيمٍ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أَرَادُوا تَفْخِيمَهُ بِالتَّعْرِيفِ الَّذِي هُوَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ , لِأَنَّهُمْ أَفْرَدُوهُ بِهَذَا الِاسْمِ دُونَ غَيْرِهِ فَقَالُوا: الْإِلَهُ , وَاسْتَثْقَلُوا الْهَمْزَةَ فِي كَلِمَةٍ يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُمْ إِيَّاهَا , وَلِلْهَمْزَةِ فِي وَسَطِ الْكَلَامِ ضَغْطَةٌ شَدِيدَةٌ , فَحَذَفُوهَا فَصَارَ الِاسْمُ كَمَا نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُهُ وَلَّاهُ فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ هُمَزَةً فَقِيلَ: إِلَهٌ كَمَا قَالُوا: وِسَادَةٌ وَإِسَادَةٌ , وَوِشَاحٌ وَإِشَاحٌ وَاشْتُقَّ مِنَ الْوَلَهِ لِأَنَّ قُلُوبَ الْعِبَادِ تُولَهُ نَحْوَهُ , كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: مَأْلُوهٌ كَمَا قِيلَ: مَعْبُودٌ إِلَّا أَنَّهُمْ خَالَفُوا بِهِ الْبِنَاءَ لِيَكُونَ اسْمًا عَلَمًا , فَقَالُوا: إِلَهٌ كَمَا قِيلَ لِلْمَكْتُوبِ كِتَابٌ , وَلِلْمَحْسُوبِ حِسَابٌ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُهُ مِنْ أَلَهَ الرَّجُلُ يَأْلَهُ إِذَا تَحَيَّرَ , وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَأْلَهُ عِنْدَ التَّفَكُّرِ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى , أَيْ تَتَحَيَّرُ وَتَعْجَزُ عَنْ بُلُوغِ كُنْهِ جَلَالِهِ , وَحَكَى بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ مِنْ أَلَهَ يَأْلَهُ إِلَاهَةً بِمَعْنَى عَبْدَ يَعْبُدُ عِبَادَةً وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعراف: 127] أَيْ عِبَادَتَكَ , قَالَ: وَالتَّأَلُّهُ التَّعَبُّدُ , فَمَعْنَى الْإِلَهِ: الْمَعْبُودُ , وَقَوْلُ الْمُوَحِّدِينَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَعْنَاهُ لَا مَعْبُودَ غَيْرُ اللَّهِ , وَإِلَّا فِي الْكَلِمَةِ بِمَعْنَى غَيْرٍ لَا بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْهَاءُ الَّتِي هِيَ الْكِنَايَةُ عَنِ الْغَائِبِ , وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوهُ مَوْجُودًا فِي فِطَرِ عُقُولِهِمْ , فَأَشَارُوا إِلَيْهِ بِحَرْفِ الْكِنَايَةِ , ثُمَّ زِيدَتْ فِيهِ لَامُ الْمُلْكِ , إِذْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ وَمَالِكُهَا , فَصَارَ «لَهُ» ثُمَّ زِيدَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ تَعْظِيمًا , وَفَخَّمُوهَا تَوْكِيدًا لِهَذَا الْمَعْنَى , وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَاهُ عَلَى الْأَصْلِ -[59]- بِلَا تَفْخِيمٍ , فَهَذِهِ مَقَالَاتُ أَصْحَابِ الْعَرَبِيَّةِ وَالنَّحْوِ فِي هَذَا الِاسْمِ , وَأَحَبُّ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ إِلَيَّ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ , وَلَيْسَ بِمُشْتَقٍّ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ مِنْ بِنْيَةِ هَذَا الِاسْمِ وَلَمْ تَدْخُلَا لِلتَّعْرِيفِ دُخُولَ حَرْفِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ كَقَوْلِكَ يَا أَللَّهُ , وَحُرُوفُ النِّدَاءِ لَا تَجْتَمِعْ مَعَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ لِلتَّعْرِيفِ , أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَا تَقُولُ: يَا الرَّحْمَنُ وَيَا الرَّحِيمُ كَمَا تَقُولُ يَا أَللَّهُ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بِنْيَةِ الِاسْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَمِنْهَا «الْحَيُّ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر: 65] وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي

اسم الکتاب : الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي، أبو بكر    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست