المبحث العاشر: في كتابة القرآن ورسمه ومصاحفه وما يتعلق بذلك
1- الكتابة
معروف أن الأمة العربية كانت موسومة بالأمية مشهورة بها لا تدري ما الكتابة ولا الخط. وجاء القرآن يتحدث عن أميتها هذه فقال: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} .
ولن يشذ عن هذه القاعدة إلا أفراد قلائل في قريش تعلموا الخط ودرسوه قبيل الإسلام
والجواب: أن هذه الشبهة لا ترد على القول بأن الترتيب اجتهادي ولا على القول بأن منه اجتهاديا ومنه توقيفيا. أما الأول فظاهر وأما الثاني فلأن اجتهاد عثمان كان فيما لم يرد فيه توقيف من الشارع.
أما القول بأن ترتيب السور كله توقيفي فقد أجابوا على هذه الشبهة بجوابين:
أولهما: أن حديث ابن عباس هذا غير صحيح لأن الترمذي وهو راويه قال في تخريجه: إنه حسن غريب لا يعرف إلا من طريق يزيد الفارسي عن ابن عباس. ويزيد هذا مجهول الحال فلا يصح الاعتماد على حديثه الذي انفرد به في ترتيب القرآن.
ثانيهما: أنه على فرض صحته يجوز أن جواب عثمان لابن عباس كان قبل أن يعلم بالتوقيف ثم علمه بعد ذلك. لكن يرد على هذا الجواب ان الرواية تفيد أن جواب عثمان هذا كان بعد جمع القرآن وترتيب سوره فكيف كان توقيفيا وعثمان هو الجامع والمرتب ولا يعلم دليل التوقيف؟.