اسم الکتاب : من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال المؤلف : دسوقي، محمد الجزء : 1 صفحة : 127
والأمر على عكس ذلك في حق الطير، فإنه لما لم يكن في الحشر ما كان في التسبيح من إرادة الدلالة على الحدوث شيئا بعد شيئ لا جرم جيئ به اسماً لا فعلاً، وذلك للدلالة على أنها مجموعة إليه طوعاً من كلّ جانب دفعة واحدة، ولو قال: (وسخرنا الطير يُحشَرن) - على تقدير أن الحشر يحصل من حاشرها شيئاً بعد شيئ والحاشر هو الله عز وجلّ - لكان خُلفاً، لأن حشرها جملة واحدة والتعبير عن ذلك باسم الجمع دون الجمع، أبلغ في الدلالة على القدرة.. ووضْع (الأوّاب) – الذي هو في معنى الرجّاع - موضع (المسبِّح) إما لبيان أنها ترفع التسبيح، والمرجِّع رجَّاع لأنه يرجع إلى فعْله رجوعاً بعد رجوع، وإما لأن الأوّاب وهو التوّاب الكثير الرجوع إلى الله وطلب مرضاته، من عادته ودأبه أن يكثر ذكر الله ويديم تسبيحه وتقديسه [1] ، ومهما يكن من أمر فإن في هذا وما قبله تعريض بالكفار، لأنه في معنى أن الجبال والطير فعلت أو فُعل بها ذلك على الرغم من أنها أشدّ صلابة ونفرة من قومك وأعسر ضبطاً. [1] ينظر الكشاف 3/365 كما ينظر الرازي 13/297.
اسم الکتاب : من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال المؤلف : دسوقي، محمد الجزء : 1 صفحة : 127