اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 67
متأخرة عن قصة حِراء -أو تكون "المدثر" أول سورة نزلت بعد فترة الوحي- وقد استخرج جابر ذلك باجتهاده فتُقَدَّم عليه رواية عائشة، ويكون أول ما نزل من القرآن على الإطلاق: {اقْرَأ} وأول سورة نزلت كاملة، أو أول ما نزل بعد فترة الوحي: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} .. أو أول ما نزل للرسالة: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} .. وللنبوة {اقْرَأ} .
3- وقيل إن أول ما نزل هو سورة "الفاتحة" ولعل المراد أول سورة كاملة.
4- وقيل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} والبسملة تنزل صدرًا لكل سورة. ودليل هذين أحاديث مرسلة، والقول الأول المؤيد بحديث عائشة هو القوي الراجح المشهور.
وقد ذكر الزركشي في "البرهان" حديث عائشة الذي نص على أن أول ما نزل: {قْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} وحديث جابر الذي نص على أن أول ما نزل: {َيا أَيُّهَا المُدَّثِّر، قُمْ فَأَنْذِرُ} ثم قال: "وجمع بعضهم بينهما بأن جابرًا سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر قصة بدء الوحي، فسمع آخرها، ولم يسمع أولها، فتوهم أنها أول ما نزلت، وليس كذلك، نعم هي أول ما نزل بعد سورة {اقْرَأْ} وفترة الوحي، لما ثبت في الصحيحين أيضًا عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يحدِّث عن فترة الوحي، قال في حديثه: "بينما أنا أمشي، سمعت صوتًا من السماء، فرفعت رأسي، فإذا المَلَك الذي جاءني بحِراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فجثثت منه فرقًا[1]، فرجعت فقلت: زملوني زملوني"، فأنزل الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّر، قُمْ فَأَنْذِر} .
فقد أخبر في هذا الحديث عن المَلَك الذي جاءه بحِراء قبل هذه المرة، وأخبر في حديث عائشة أن نزول {اقْرَأْ} كان في غار حِراء، وهو أول وحي، ثم فَتَرَ بعد ذلك، وأخبر في حديث جابر أن الوحي تتابع بعد نزول {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّر} [1] جثثت: فزعت، وفي صحيح البخاري: "فرعبت منه".
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 67