اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 66
فجاءه المَلَك فيه فقال: اقرأ، قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: فقلت: "ما أنا بقارئ"، فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجَهْد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: "ما أنا بقارئ"، فغطَّني الثانية حتى بلغ مني الجَهْد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: "ما أنا بقارئ"، فغطَّني الثالثة حتى بلغ مني الجَهْد ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} . حتى بلغ: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} ، فرجع بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترجف بوادره". الحديث[1].
2- وقيل إن أول ما نزل هو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} .. لما رواه الشيخان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت جابر بن عبد الله: أي القرآن أنزل قبل؟ قال: {يَا أيُّهَا المُدَّثِّرُ} ، قلت: أو {اقْرا بِاسْمِ رَبِّكَ} ؟ قال: أحدِّثكم ما حدثنا به رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "إني جاورت بحِراء فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي. ثم نظرتُ إلى السماء فإذا هو -يعني جبريل- فأخذتني رجفة. فأتيتُ خديجة فأمرتهم فدثروني"، فأنزل الله: {يَا أيُّهُا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنُذِرْ} [2].
وأجيب عن حديث جابر بأن السؤال كان عن نزول سورة كاملة، فبيِّن جابر أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة اقرأ، فإن أول ما نزل منها صدرها، ويؤيد هذا ما في الصحيحين أيضًا عن أبي سلمة عن جابر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يُحدِّث عن فترة الوحي فقال في حديثه: "بينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت رأسي فإذا المَلَك الذي جاءني بحِراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرجعت، فقلت: زملوني، فدثروني"، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} . فهذا الحديث يدل على أن هذه القصة [1] التحنث: التعبد، وأصله ترك الحِنث، أي الذنب. وغطَّني: أي ضمني ضمًّا شديدًا حتى كان لي غطيط، وهو صوت من حُبِسَت أنفاسه بما يشبه الخنق، والجَهْد: بفتح الجيم، يطلق على المشقة وعلى الوسع والطاقة، وبضمها يطلق على الوسع والطاقة لا غيره. [2] المدثر: 1، 2.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : القطان، مناع بن خليل الجزء : 1 صفحة : 66