اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 74
[2]- جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
لقد كتب القرآن كله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه كان مفرق الآيات والسور، وأول من جمعه في مصحف مرتب الآيات -كما رويت محفوظة عن الرسول- هو أبو بكر. قال أبو عبد الله المحاسبي[1] في كتاب "فهم السنن": "كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب، وإنما أمر الصديق بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعا، وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيها القرآن منتشرًا، فجمعها جامع وربطها بخيط، حتى لا يضيع منها شيء"[2].
وكان جمع أبي بكر للقرآن بعد موقعة اليمامة سنة اثنتي عشرة للهجرة، ففي تلك الموقعة بين المسلمين وأهل الردة من أتباع مسيلمة الكذاب، استشهد سبعون من حفظة القرآن من الصحابة، فهال ذلك عمر بن الخطاب وجاء يقترح على أبي بكر جمع القرآن. وفي ذلك يروي البخاري في صحيحه أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده. قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر "أي: اشتد" يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر [1] هو الحارث بن أسد المحاسبي، ويكنى أبا عبد الله، من أكابر الصوفية، كان عالما بالأصول والمعاملات، وهو أستاذ أكثر البغداديين في عصره، توفي ببغداد سنة 243 "الأعلام للزركلي 2/ 153". [2] البرهان 1/ 238 والإتقان 1/ 101.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 74