اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 75
يجمع القرآن. قلت لعمر: كيف نفعل ما لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هو والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن! قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري[1] لم أجدها مع أحد غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} حتى خاتمة براءة. فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر"[2].
وقد يقع قارئ هذا النص في إشكال منشؤه تصريح زيد بأنه لم يجد أخر سورة التوبة إلا مع أبي خزيمة الأنصاري، ويزول هذا الإشكال سريعا إذا علم القارئ أن غرض زيد أنه لم يجدها مكتوبة إلا مع أبي خزيمة[3]، وقد كان ذلك كافيا لقبوله إياها، لأن كثيرا من الصحابة كانوا يحفظونها، ولأن زيدا نفسه كان يحفظها، ولكنه أراد -ورعا منه واحتياطًا- أن يشفع الحفظ بالكتابة، وظل ناهجا هذا النهج في سائر القرآن الذي تتبعه فجمعه بأمر [1] وفي رواية: "مع أبي خزيمة الأنصاري الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين" البرهان 1/ 234، لكن الذي في تهذيب التهذيب "3/ 140" أن خزيمة بن ثابت الأنصاري هو ذو الشهادتين، فهو غير أبي خزيمة, وفي البخاري "فضائل القرآن" أن زيدا وجد عند خزيمة هذا آية من سورة الأحزاب، فهل اختلط الأمر على الرواة والمؤرخين؟. [2] صحيح البخاري، كتاب "فضائل القرآن" الباب الثالث والباب الرابع وكتاب "الأحكام"، الباب السابع والثلاثون, وفي مسند أحمد ج1 ص13 "وفي طبعة شاكر 1/ 185 رقم الحديث 76" وقارن بما في "طبقات ابن سعد ج3 ق1 ص201". [3] الإتقان 1/ 101 وينقل السيوطي هنا عن أبي شامة قوله: "لم أجدها مع غيره، أي: لم أجدها مكتوبة مع غيره".
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 75