responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 330
المجاز، فهي لفظ أريد به لازم معناه، وهي -على هذا- كثيرة في القرآن، لأنها من أبلغ الأساليب في الرمز والإيماء, وللقرآن قصد إلى الرمز في مواطن لا يجمل فيها التصريح، فإذا أراد الله أن يعبر عن الغاية من المعاشرة الزوجية -وهي التناسل- رمز إلى ذلك بلفظ "الحرث" في قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [1] ويكمل وصف تلك العلاقة بين الزوجين -بما فيها من مخالطة وملابسة- بأنها لباس من كل منهما للآخر {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [2]. ومن هذا الباب في الإيماء اللطيف الذي يعلمنا أدب التعبير {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [3]، {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [4]، {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} [5]. ومن أجمل الكنايات في مثل هذه المعاني {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [6] {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} [7] لأن المراد بالفروج هنا فروج القمصان والثياب[8]، فما تنفرج ثياب المؤمنين عن ريبة ولا تنكشف دروع المؤمنات عن منكر، بل المؤمنون والمؤمنات نقية ثيابهم طاهرة أذيالهم عفيفة أنفسهم, على حد قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّر} [9] كناية عن عفة النفس وطهارة الذيل[10]، ولذلك سموا هذا النوع من التعبير "كناية عن كناية"، وبه قال المفسرون في تأويل قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [11]، فإحصانها فرجها كناية عن طهارة ذيلها

[1] سورة البقرة 223 "وانظر الإتقان 2/ 79".
[2] سورة البقرة 187 "وانظر البرهان 2/ 304 ومجازات القرآن 354".
[3] سورة النساء 43.
[4] سورة البقرة 187.
[5] سورة الأعراف 189 "وانظر البرهان 2/ 304".
[6] سورة المؤمنون 5.
[7] سورة الأحزاب 35.
[8] انظر البرهان 2/ 305.
[9] سورة المدثر 4.
[10] مجازات القرآن 353؛ تأويل مشكل القرآن 107.
[11] سورة التحريم 12.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح    الجزء : 1  صفحة : 330
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست