اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 329
فلا يقابل خفتها وارتفاعها إلا هاوية سحيقة منخفضة في الدرك الأسفل من النار الحامية التي لا يكون للمجرم في ذلك الهول أم سواها يلجأ إليها ويعتصم بها. وساءت ملجأ ومعتصمًا!.
ومن المجاز اللغوي إطلاق اسم الكل على الجزء, نحو {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} [1] أي: أناملهم، ونكتة التعبير عنها بالأصابع الإشارة إلى إدخالها على غير المعتاد مبالغة في الفرار[2]، وفي ذلك تصوير لحالتهم النفسة وما أصابهم من الذعر والهلع وهم يولون هاربين.
ومن الغريب حقا أن بعض العلماء أنكروا وقوع المجاز في القرآن "منهم الظاهرية[3] وابن القاص[4] من الشافعية، وابن خويز منذاذ[5] من المالكية، وشبهتهم أن المجاز أخو الكذب والقرآن منزه عنه، وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وذلك محال على الله". لكن الذين تذوقوا جمال الأسلوب القرآني يرون أن هذه الشبهة باطلة، "ولو سقط المجاز من القرآن لسقط منه شطر الحسن, فقد اتفق البلغء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، ولو وجب خلو المجاز من القرآن لوجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها"[6].
وإذ كان بعض العلماء يعتبر الكناية ضربا من ضروب المجاز، أنكر وقوعها في القرآن منكرو المجاز فيه. ولكن للكناية مفهوما آخر غير مفهوم [1] سورة البقرة 19. [2] الإتقان 2/ 60 "وانظر البرهان 2/ 262". [3] هم أهل الظاهر، أتباع الإمام داود بن علي بن خلف المعروف بالظاهري لأخذه بظاهر النصوص. [4] ابن القاص هو أحمد الطبري أبو العباس، من فقهاء الشافعية، من كتبه "أدب القاضي" توفي سنة 335هـ "طبقات الشافعية 2/ 103". [5] ابن خويز منذاذ "بمعجمتين أو إهمال الأولى" من علماء المالكية، تلميذ الأبهري، توفي في حدود سنة 400هـ. [6] الإتقان 2/ 59.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 329