اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 285
عَيْنِي} [1]، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [2]، {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [3].
فالسلف ينزهون الله عن هذه الظواهر المستحيلة عليه، ويؤمنون بها بالغيب كما ذكرها الله، ويفوضون علم حقائقها إليه، أما الخلف فيحملون الاستواء على العلو المعنوي بالتدبير من غير معاناة[4]. ومجيء الله على مجيء أمره[5]، وفوقيته على العلو لا في جهة[6]، وجنبه على حقه[7]، ووجهه على ذاته[8]، وعينه على عنايته[9]، ويده على قدرته [10]، ونفسه على عقوبته [11].وهكذا يؤول الخلف -على هذا المنوال- جميع ما ورد من رضى الله وحبه وغضبه وسخطه وحيائه بحملها على أقرب مجاز، ويقولون: لا يراد من هذه الألفاظ إلا لازمها[12].
وقد فهم ابن اللبان في كتابه "رد الآيات المتشابهات" الحكمة من ورود هذه الآيات فقال: "من المعلوم أن أفعال العباد لا بد فيها من توسط الجوارح مع أنها منسوبة إليه تعالى، وبذلك يعلم أن لصفاته تعالى في تجلياتها مظهرين: مظهر عبادي منسوب لعباده وهو الصور والجوارح الجسمانية، ومظهر حقيقي منسوب إليه، وقد أجرى عليه أسماء المظاهر العبادية المنسوبة لعباده [1] سورة طه 39. [2] سورة الفتح 10. [3] سورة آل عمران 28. [4] إلى هذا تؤول أكثر تفسيرات الخلف للاستواء، وانظر هذه الأقوال المختلفة في الإتقان 2/ 9-10 والبرهان 2/ 80-82". [5] البرهان 2/ 83 وقد حكى ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلى تأويل أحمد في قوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّك} [سورة الأنعام: 158] قال: وهل هو إلا أمره؟! بدليل قوله: {أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} [سورة النحل: 33] "انظر البرهان 2/ 79". [6] الإتقان 2/ 12. [7] الإتقان 2/ 12 أيضا. [8] البرهان 2/ 86. [9] الإتقان 2/ 11. [10] الإتقان 2/ 11 أيضا. [11] البرهان 2/ 83. [12] الإتقان 2/ 12.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 285