اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 284
ليس بجسم ولا متحيز ولا مشار إليه، ظن أن هذا عدم ونفي محض، فيقع في التعطيل، فكان الأصلح أن يخاطبوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب ما تخيلوه وما توهموه، ويكون ذلك مخلوطا بما يدل على الحق الصريح، فالقسم الأول -وهو الذي يخاطبون به في أول الأمر- من باب المتشابه، والقسم الثاني وهو الذي يكشف عن الحق الصريح وهو المحكم"[1].
وللعلماء في متشابه الصفات مذهبان:
الأول: مذهب السلف، وهو الإيمان بهذه المتشابهات وتفويض معرفتها إلى الله تعالى. سئل الإمام مالك عن الاستواء فقال: "الاستواء معلوم, والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، وأظنك رجل سوء، أخرجوه عني"[2].
والثاني: مذهب الخلف، وهو حمل اللفظ الذي يستحيل ظاهره على معنى يليق بذات الله. وينسب هذا المذهب إلى إمام الحرمين[3]، وجماعة من المتأخرين.
ولتوضيح المذهبين نذكر بعض الآيات القرآنية الواردة في متشابه الصفات. فمن ذلك {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [4]، و {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [5]، و {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [6]، {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [7]، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [8] {وَلِتُصْنَعَ عَلَى [1] الزرقاني، مناهل 2/ 179. [2] الإتقان 2/ 8 وقد أخرج الدارمي عن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له ابن صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل, فقال له: من أنت؟ فقال: أنا عبد الله بن صبيغ، فأخذ عمر عرجونا فضربه حتى دمي رأسه، وفي رواية أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري: ألا يجالسه أحد من المسلمين. الإتقان 2/ 5. [3] إمام الحرمين هو عبد الملك بن أبي عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني الشافعي العراقي، أبو المعالي، كان شيخ الإمام الغزالي ومن أعلم أصحاب الشافعي. توفي سنة 478هـ "انظر ترجمته في وفيات الأعيان 1/ 287". [4] سورة طه 5. [5] سورة الفجر 22. [6] سورة الأنعام 61. [7] سورة الزمر 56. [8] سورة الرحمن 27.
اسم الکتاب : مباحث في علوم القرآن المؤلف : صبحي الصالح الجزء : 1 صفحة : 284