اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 780
بمعروف أو فارق بمعروف، واحتاط فأشهد على ما اختار، يعد الله هذا الزوج بالخلاص مما عسى أن يقع فيه من الهموم ومشاكل الزوجية، ويفرّج عنه ما يعتريه من الكروب، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وكذلك يتناول الزوجة التي اتقت الله فيما عليها من حق، فلم تخرج من منزل عدتها، ولم تكتم ما خلق الله في رحمها، فالله يعدها على هذه التقوى بتفريج كربها، ورزقها من حيث لا تحتسب.
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ أي فهو كافيه جل شأنه في جميع أموره، لأنّ الله هو القادر على كل شيء، الغني عن كل شيء، الجواد بكل شيء، فإذا فوّض العبد الضعيف أمره إليه كفاه لا محالة ما أهمّه.
إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ إنّ الله يبلغ ما يريده سبحانه، ولا يفوته مراد.
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً أي إنّه عزّ وجلّ قدّر الأشياء قبل وجودها، وعلم مقاديرها وأوقاتها، وإذا كان كلّ شيء من الرزق وغيره لا يكون إلا بتقديره تعالى، ولا يقع إلا حسبما علم، لم يسع العاقل إلا التسليم للقدر، وفي هذه الجملة كسابقتها بيان لوجوب التوكل عليه تعالى، وتفويض الأمر إليه جلّ ثناؤه.
قال الله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (4) ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (5) أخرج الحاكم، وصححه البيهقي في «سننه» وجماعة عن أبيّ بن كعب أنّ أناسا من أهل المدينة لما نزل قوله تعالى في سورة البقرة: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة: 228] قالوا: لقد بقي من عدة النساء عدد لم تذكر في القرآن: الصغار والكبار اللاتي قد انقطع عنهنّ الحيض، وذات الحمل، فأنزل الله التي في سورة النساء القصرى وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ الآية [1] .
جعل الله عدّة الآيسة ثلاثة أشهر، ولا خلاف بين الفقهاء في أن المرأة ما دامت ترى الحيض فهي من ذوات الأقراء، لا تكون آيسة ولو بلغت مئة سنة.
إنما خلافهم فيمن انقطع حيضها متى تكون آيسة، وتعتد بالأشهر؟ ألذلك حدّ معين أم ليس له حد معين؟
والقائلون بالتحديد مختلفون، فمنهم من قدّره بالسنين. بخمسين سنة وبخمس وخمسين وبستين وباثنتين وستين إلى أقوال أخر، أقصاها خمس وثمانون، ومنهم [1] انظر تفسير ابن جرير الطبري المسمى جامع البيان في تفسير القرآن (28/ 91) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 780