اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 685
ثم قال: ويدل عليه اختصاص قوله تعالى: إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً وهذه الجملة خرجت مخرج التعليل، كما في نظائرها، فعلم أنّ الله سبحانه إنما أفتاه بذلك جزاء له على صبره، وتخفيفا عن امرأته ورحمة بها.
وأيضا فإنّه تعالى إنما أفتاه بهذا لئلا يحنث، كما قال: وَلا تَحْنَثْ وهذا يدلّ على أنّ الكفارة لم تكن مشروعة في شريعته: بل ليس في اليمين إلا البرّ أو الحنث، وقد كان ذلك مبررا في شريعتنا قبل شروع الكفّارة «لم يكن أبو بكر يحنث في يمين حتّى أنزل الله كفارة اليمين» .
وإذا كان كذلك، يكون كأنّه نذر ضربها، وهو نذر لا يجب الوفاء به، لما فيه من الضرر عليها. ولا يغني عنه كفارة يمين، لأنّ تكفير النذر فرع عن تكفير اليمين، فإذا لم تكن كفارة النذر مشروعة إذ ذاك، فكفارة اليمين أولى: وقد علم أنّ الواجب بالنذر يحتذى به حذو الواجب بالشرع وإذا كان الضرب الواجب بالشرع. يجب تفريقه إلّا إذا كان المضروب ميؤوسا من شفائه، فيكون الواجب أن يجتمع الضرب، لمكان العذر.
وبعد كلام طويل قال في قصة يوسف: نحن نسأل القائلين بجواز الحيل: هل تجيزون أنتم مثل هذا في شريعتنا حتى يكون لكم أن تحتجّوا بمثله؟ وأما مجرد وجوده في شريعة يوسف فليس ينفعكم.
قال شيخنا: ومما قد يظنّ أنّه من جنس الحيل التي بيّنا تحريمها، وليس من جنسها قصة يوسف، حين كاد الله له في أخذ أخيه، كما قصّ ذلك في كتابه [يوسف: 70] ، فإن فيه ضروبا من الحيل الحسنة:
منها: جعله بضاعتهم في رحالهم، ليرجعوا بعد المعرفة.
ومنها: جعل السقاية في رحل أخيه ليظهره بمظهر السارق، فيحتجزه. وقد ذكروا أنّ ذلك كان بمواطأة بينه وبين أخيه، وعلى ذلك فليس هناك حيلة.
ثم أطال في بيان الموضوع، ونحن نجتزئ منه بهذا.
وبعد فإنّ التحايل على إسقاط التكاليف الشرعية أمر تنفر منه الطباع، وما ندري هل علم المحتالون أنّ حيلهم تنطلي فتسقط التكاليف أو هم قد اتخذوا عند الله عهدا أنه لا يجازيهم على هذا التحايل؟ ثم من يخادعون!!! التحايل في الحرب في اتقاء الظالمين أمر مقبول إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ [آل عمران: 28] أما التحايل لإسقاط التكاليف، ولأكل الأموال من غير وجهها فما نظنّ أحدا يقول به.
وفي هذا القدر كفاية، ونكرر الوصية بمطالعة الموضوع في مراجعه، فإنّه نفيس، ويكفي أن نبهناك إليه، والله وليّ التوفيق.
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 685