responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 578
أن يمتنع عن دخولها حتى يأذن له أصحابها، وليس شيء يبيح الدخول إلا هذا الإذن الذي يصدر ممن يملكه، فإذن العبد والصبيّ والخادم لا يبيح الدخول في البيوت التي لا يوجد بها أصحابها، كما لا يبيح الدخول في البيوت التي يكونون فيها إلا أن يكون أحدهم رسولا من قبل صاحب الدار، وفي هذه الحالة لا يكون الإذن من هؤلاء، إنما هو من صاحب الدار.
وإنما قيل: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً ولم يقل: فإن لم يكن فيها أحد، لأنّ التعبير الأول أشمل، إذ عدم وجود أحد فيها يصدق مع خلو البيوت من أصحابها في الواقع، كما يصدق مع كونهم فيها. فالمدار على ظن الطارق واعتقاده، فإن كان يعتقد أنه ليس بها أحد فلا يحلّ أن يدخلها، سواء أكان الأمر كذلك أم كان على خلاف ما ظنّ.
وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ أي أنّه لا يليق بكم أيها المؤمنون أن تلحوا في الاستئذان، وأن تقفوا على الأبواب أو تقعدوا أمامها بعد أن تردّوا، ويقال لكم: ارجعوا، فإنّ الوقوف حينئذ فيه ذلة ومهانة لكم، وفيه إيلام لأصحاب البيوت، فالرجوع أزكى لكم، وأطهر لأخلاقكم، وأبعد بكم عن دنس الرذيلة.
وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ هذا وعيد لمن يعمل على خلاف ما أرشد الله سبحانه وتعالى إليه، فمن دخل تلك البيوت التي لا يجد فيها أصحابها، أو حاول دخولها بغير إذنهم، أو لج في الاستئذان، أو وقف على الباب بعد ما علم أنه لا يراد له الدخول: فالله عليم بهذا الذي يعمله. والقصد من هذا الإخبار إفادة لازمه، وهو المجازاة على هذه الأعمال.
قال الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (29) سبب نزول هذه الآية على ما
أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل أنّه لما نزل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا إلخ قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام وبيت المقدس، ولهم بيوت معلومة على الطريق- يريد الخانات التي في الطرق- فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيها ساكن؟ فرخّص الله سبحانه في ذلك، فأنزل قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ إلى آخر الآية
. فتكون هذه الآية مخصّصة لعموم الآية السابقة كما علمت.
وقال ابن عباس فيما أخرجه عنه أبو داود في الناسخ، وابن جرير [1] ، أنّ قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها قد نسخ بقوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ إلخ واستثنى منه البيوت غير المسكونة.

[1] في تفسيره جامع البيان في تفسير القرآن المشهور بتفسير الطبري (18/ 91) .
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 578
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست