responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 515
ومعنى خَوَّانٍ كَفُورٍ أي خوان في أماناته تعالى، وهي أوامره ونواهيه، أو جميع الأمانات، ونظيره قوله تعالى: لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ [الأنفال: 27] وكفور، أي لنعمه عزّ وجلّ.
قيل: إنه تعليل لما في ضمن الوعد الكريم من الوعيد للمشركين في الجملة الأولى، وقيل: تعليل للوعد الكريم نفسه، وضعّف هذا بأنّ قول القائل: دفعت زيدا عن بكر لبغض زيد ليس فيه كثير عناية ببكر، وهذا لا يناسب المقام.
وهناك وجه آخر في ربط الجملة الثانية بالأولى، وحاصله أنك عرفت أنّ الجملة الأولى مشتملة على وعد صراحة ووعيد ضمنا، وإذا نظرت إلى الجملة الثانية وجدت أنها مشتملة على ثبوت البغض للمشركين صراحة، وهو يناسب الوعيد الضمني في الجملة الأولى، فيكون علة له، وعلى ثبوت المحبة للمؤمنين ضمنا كما هو قضية إيثار (لا يحب) على (يبغض) وهو يناسب الوعد المصرّح به في الجملة الأولى، فيكون علة له، وعلى هذا يكون منطوق الجملة الثانية علة لمفهوم الجملة الأولى، ومفهومها علة لمنطوقها، ويصير المعنى هكذا: إن الله يدافع عن الذين آمنوا لحبه إياهم، ويخذل المشركين ويقهرهم لبغضه إياهم، وعلى كلّ فإنّ ربط نفي الحب بالخوان الكفور يدلّ على أنّ علّة النفي هي الخيانة والكفر، ويدل بمفهومه على أنّ علة ثبوت المحبة في مقابله هي الأمانة والشكر، اللذان هما من خواص المؤمن.
وهنا أمران جديران بالالتفات:
الأول: أن صيغة المبالغة في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ لبيان الواقع، وأنهم كانوا كذلك، لا لتقيد البغض بغاية الخيانة والكفر المشعر بمحبة الله تعالى للخائن الكافر، وكثيرا ما تذكر القيود لبيان الواقع، حتى قيل: إنّه الأصل في استعمالها، ومن هذا القبيل قوله تعالى: لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً [آل عمران: 130] ولا شكّ أنك إذا نظرت إلى هؤلاء المشركين، وما وقع منهم من الأفاعيل المنكرة، عرفت أنهم حقيقة بلغوا الغاية في الخيانة والكفر.
الأمر الثاني: أنّ المراد نفي الحب عن كل فرد من الخونة الكفرة، فالمراد عموم السلب وشموله لجميع الأفراد، لا سلب العموم، وقول البيانيين: إنّ تقديم النفي على أداة العموم يفيد سلب العموم فالحق أنه حكم أكثري لا كلي، بدليل قوله تعالى: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة: 276] وقوله: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) [القلم: 10] وقوله:
إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [لقمان: 18] وكذلك ما معناه، فالمعتبر إذا في الحقيقة هو القرائن، فمتى دلّت على عموم السلب كان الكلام لعموم السلب، تقدّم النفي أو تأخّر.
ونقل بعضهم عن الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده وجها آخر بناء على أنّ

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 515
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست