responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 514
«إنّ الله ليملي للظالم حتّى إذا أخذه لم يفلته» [1] .
ويصحّ أن يكون متصلا بما قبله مباشرة، وذلك أنه تعالى لما بيّن مناسك الحج، وما فيه من المنافع، وكان في ذلك مزيد إلهاب وتشويق لنفوس المسلمين إلى البيت الحرام، والوقوف بالمشاعر العظام، ولكن أنّى لهم ذلك، وقد صدّهم المشركون، ووقفوا سدا منيعا دون إرواء هذه النفوس المتعطشة إلى رؤية هذا الحرم المقدس، الذي عاشوا طوال حياتهم في ظلّه وتحت حمايته، والذي عزّ عليهم فراقه، ولم ينقطع حنينهم إليه، والذي كان قلب الرسول صلوات الله وسلامه عليه معلّقا به، حتى إنه نظر إليه حين خروجه من مكة
وقال: «والله إنّك لأحبّ أرض الله إليّ، وإنك لأحبّ أرض الله إلى الله، ولولا أنّ أهلك أخرجوني منك ما خرجت» «2»
وإذا ذاك توجهت قلوبهم إلى ربّ هذا البيت، واستشرفت نفوسهم إلى عون الله ونصره وحماية بيته من عدوان المعتدين، وتخليصه من أيدي الجبابرة الظالمين، وذلك قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا توطينا لنفوسهم، وتقوية لعزائمهم، وإعدادا لهم للجهاد والقتال الذي سيكون به تحقيق آمالهم، وتحرير أوطانهم وعقائدهم.
وعلى كلّ فهو وعد من الله عزّ وجلّ، وبشارة للمؤمنين بنصر الله لهم، وتمكينهم من عدوهم، وكف بوائقه عنهم، وفي ضمنه وعيد شديد، وتهديد للمشركين بقهرهم وخذلانهم وكسر شوكتهم وزوال دولتهم، وفيه تمهيد وتوطئة لمشروعية الجهاد.
هذا وصيغة المفاعلة في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ إما للمبالغة في الدفع، أو للدلالة على تكرره فقط، لأنّ صيغة المفاعلة تدلّ على تكرر الفعل وحصوله من الجانبين، وقد تجرّد عن معنى حصوله من الجانبين، فتبقى دلالتها على التكرر من جانب واحد كالممارسة، أي أنه تعالى يبالغ في دفع غائلة المشركين وبأسهم مبالغة لا تدع لهم غائلة من غوائلهم، أو أنه تعالى يدفع بأسهم وغوائلهم مرة بعد مرة حسبما يتجدد ذلك منهم، كقوله تعالى: كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ [المائدة: 64] .
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ نفي المحبة كناية عن البغض، وأوثر (لا يحب) على (يبغض) تنبيها على مكان التعريض، وأن المؤمنين هم أحباء الله وأولياؤه.

[1] رواه مسلم في الصحيح (4/ 1997) ، 45- كتاب البر، 15- باب تحريم الظلم حديث رقم (59/ 2583) ، والبخاري في الصحيح (5/ 255) ، 65- كتاب التفسير، 5- باب وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ حديث رقم (4686) .
(2) انظر مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي حديث رقم (5499) وقال روى الترمذي بعضه، ورواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 514
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست