responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 271
قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30) ينهى الله كل أحد من المؤمنين عن أكل مال غيره بالباطل، وعن أكل مال نفسه بالباطل، لأنّ قوله تعالى: أَمْوالَكُمْ يقع على مال نفسه ومال غيره، وأكل مال نفسه بالباطل إنفاقه في المعاصي، وأكل مال غيره بالباطل فيه وجهان:
أحدهما: ما قاله السدي: وهو أن يأكل بالربا والقمار والبخس والظلم. فالباطل ما يخالف الشرع.
وثانيهما: ما قاله ابن عباس والحسن وهو أن يأكل بغير عوض، فالباطل كل ما يؤخذ بغير عوض.
وقد تضمن الأكل بالباطل أكل أبدال العقود الفاسدة، كبيع ما لا يملك، وكمن اشترى شيئا من المأكول فوجده فاسدا لا ينتفع به، كالجوز والبيض والبطيخ، فيكون أكل ثمنه أكل مال بالباطل. وكذلك ثمن كل ما لا قيمة له ولا ينتفع به كالقردة والخنازير والذباب والزنابير والميتة والخمر، وكذلك أجرة النائحة وآلة اللهو.
هذا يدلّ على أنّ من باع بيعا فاسدا وأخذ ثمنه أنه منهي عن أكل ثمنه، وعليه رده.
وقوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً الاستثناء فيه منقطع.
وقرأ الكوفيون بنصب تجارة، وعليها يكون اسم تَكُونَ عائدا على الأموال، أي: إلا أنّ تكون الأموال المتداولة بينكم تجارة صادرة عن تراض منكم.
وقرأ الباقون برفع تجارة، وحاصل المعنى: لا تقصدوا أكل الأموال بالباطل، لكن اقصدوا كون الأموال تجارة عن تراض، أو لكن اقصدوا وقوع تجارة عن تراض.
والتجارة اسم يقع على عقود المعاوضات، المقصود بها طلب الأرباح، وخصّها بالذكر من بين سائر أسباب الملك لكونها أغلب وقوعا، وأوفق لذي المروءات.
أخرج الأصبهاني عن معاذ بن جبل: قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أطيب الكسب كسب التجار: الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا» .
وقد دلّ ظاهر قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ على إباحة جميع أنواع التجارات ما حصل التراضي بين المتعاقدين، إلا أنه قد خص منها أشياء بنصّ الكتاب، وأشياء بسنة الرسول صلّى الله عليه وسلّم: فالخمر والميتة ولحم الخنزير

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 271
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست