responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 215
قال الله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً (5) أصل السفه: الخفة والحركة. يقال تسفّهت الريح الشجر إذا أمالته، والمراد به هنا خفّة الأحلام، واضطراب الآراء، ومن معاني القيام الانتصاب على القدمين، والاعتدال، وما يعاش به، وهذا الأخير هو المناسب هنا.
واختلف المفسّرون في تعيين المخاطبين بقوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ كما اختلفوا في المراد من السفهاء على أقوال أشهرها: أن المخاطبين هم أولياء اليتامى، والسفهاء هم اليتامى مطلقا، أو المبذرون بالفعل، والأموال أموالهم، لا أموال الأولياء، وعليه يكون ذكر هذه الآية الكريمة رجوعا لبيان شيء من الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى، وتفصيلا لما أجمل فيما سبق، ويكون ذكر الأحكام المتعلقة بنكاح الأجنبيات ومهورهنّ وهبتهنّ استطرادا، وإنما أضيفت الأموال إلى ضمير الأولياء المخاطبين مع أنها أموال اليتامى للمبالغة في حملهم على المحافظة عليها، بتنزيل أموال اليتامى منزلة أموال الأولياء، لما بين الولي واليتيم من الاتحاد في الجنس والنسب، ونظيره قوله تعالى: فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ [النور: 61] وقوله: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء: 29] فإنّ المراد لا يقتل بعضكم بعضا، إلّا أنّه عبّر عن نوعهم بأنفسهم مبالغة في الزجر عن القتل، حتى كأنّ قتلهم قتل أنفسهم، وعلى هذا القياس قوله تعالى: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً إذ عبّر عن جعل الأموال مناطا لمعاش اليتامى بجعلها مناطا لمعاش الأولياء، وإلى تفسير الآية بما ذكرنا ذهب عكرمة وابن جبير وكثير من متأخري المفسرين.
وروي عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم أنّ الخطاب لكلّ عاقل من الناس جميعا، وأنّ المراد من السفهاء النساء والصبيان، والمقصود النهي عن إيتاء المال لمن لا رشد له من هؤلاء، وعليه تكون إضافة الأموال إلى ضمير المخاطبين على حقيقتها.
وقيل: المراد من السفهاء النساء خاصة، سواء أكنّ أزواجا أم أمهات أم بنات.
وقيل: إنّ السفهاء عامّ في كلّ من ليس له عقل يفي بحفظ المال وحسن التصرف فيه، ويدخل فيه الصبيّ والمجنون والمحجور عليه للتبذير.
وعلى أي تأويل ترى في قوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً دلالة على النهي عن تضييع المال، ووجوب حفظه وتدبيره، وحسن القيام عليه، حيث قد جعله تعالى سببا في إصلاح المعاش وانتظام الأمور، وكان السلف يقولون: المال سلاح المؤمن.

اسم الکتاب : تفسير آيات الأحكام للسايس المؤلف : السايس، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 215
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست