responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تأويل مشكل القرآن المؤلف : الدِّينَوري، ابن قتيبة    الجزء : 1  صفحة : 69
باب القول في المجاز
وأما (المجاز) فمن جهته غلط كثير من الناس في التأويل، وتشعّبت بهم الطرق، واختلفت النّحل: فالنصارى تذهب في قول المسيح عليه السّلام في الإنجيل: (أدعوا أبي، وأذهب إلى أبي) وأشباه هذا، إلى أبوّة الولادة.
ولو كان المسيح قال هذا في نفسه خاصة دون غيره، ما جاز لهم أن يتأوّلوه هذا التأويل في الله- تبارك وتعالى عما يقولون علوا كبيرا- مع سعة المجاز، فكيف وهو يقوله في كثير من المواضع لغيره؟ كقوله حين فتح فاه بالوحي: إذا تصدّقت فلا تعلم شمالك بما فعلت يمينك، فإنّ أباك الذي يرى الخفيّات يجزيك به علانية، وإذا صلّيتم فقولوا: يا أبانا الذي في السماء ليتقدّس اسمك، وإذا صمت فاغسل وجهك وادهن رأسك لئلا يعلم بذلك غير أبيك.
وقد قرؤوا في (الزّبور) أن الله تبارك وتعالى قال لداود عليه السّلام: سيولد لك غلام يسمّى لي ابنا وأسمّى له أبا.
وفي (التّوراة) أنه قال ليعقوب عليه السلام: أنت بكري.
وتأويل هذا أنه في رحمته وبرّه وعطفه على عباده الصالحين، كالأب الرحيم لولده.
وكذلك قال المسيح للماء: (هذا أبي) ، وللخبز: (هذا أمي) ، لأنّ قوام الأبدان بهما، وبقاء الروح عليهما، فهما كالأبوين اللّذين منهما النّشأة، وبحضانتهما النّماء.
وكانت العرب تسمّي الأرض أمّا، لأنها مبتدأ الخلق، وإليها مرجعهم، ومنها أقواتهم، وفيها كفايتهم.
وقال أميّة بن أبي الصّلت [1] :

[1] البيت من الكامل، وهو في ديوان أمية بن أبي الصلت ص 23، والمخصص 13/ 180، والحيوان 5/ 437، وتفسير القرطبي 1/ 112، والبيت بلا نسبة في المذكر والمؤنّث للأنباري ص 187.
اسم الکتاب : تأويل مشكل القرآن المؤلف : الدِّينَوري، ابن قتيبة    الجزء : 1  صفحة : 69
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست