responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تأويل مشكل القرآن المؤلف : الدِّينَوري، ابن قتيبة    الجزء : 1  صفحة : 49
وقوما يسربلون هذا، ويلبسون هذا تارة، وهذا تارة.
وأما قولهم: (كيف يكون في النار نبت وشجر، والنار تأكلهما؟) فإنه لم يرد فيما يرى أهل النظر- والله أعلم- أن الضريع بعينه ينبت في النار، ولا أنهم يأكلونه.
والضريع من أقوات الأنعام لا من أقوات الناس، وإذا وقعت فيه الإبل لم تشبع وهلكت هزلا.
قال الهذليّ يذكر إبلا وسوء مرعاها [1] :
وحبسن في هزم الضريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود
فأراد أن هؤلاء قوم يقتاتون ما لا يشبعهم، وضرب الضريع لهم مثلا. أو يعذّبون بالجوع كما يعذب من قوته الضريع.
وكان ما أراد الله بهذا معلوما عندهم مفهوما، ولو لم يكن كذلك لأنكروه كما أنكروا قوله: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (65) [الصافات: 64، 65] وقالوا: كيف تكون في النار شجرة والنار تأكل الشجر؟
فأنزل الله: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ [الإسراء: 60] ، يعني بالرؤيا: ما رآه ليلة أسري به وأخبر عنه، فارتد لذلك قوم، وزاد الله في بصائر قوم. وأراد بالشجرة الملعونة: شجرة الزّقّوم. فهذا وجه.
وقد يكون الضريع وشجرة الزّقّوم: نبتين من النار، أو من جوهر لا تأكله النار.
وكذلك سلاسل النار وأغلالها، وأنكالها وعقاربها وحيّاتها- لو كانت على ما نعلم، لم تبق على النار، وإنما دلّنا الله سبحانه على الغائب عنده بالحاضر عندنا، فالأسماء متفقة للدلالة، والمعاني مختلفة.
وما في الجنة من شجرها وثمرها وفرشها، وجميع آلاتها- على مثل ذلك.
قال ابن عباس: نخل الجنة، جذوعها من زمرّد أخضر، وكربها من ذهب أحمر، وسعفها كسوة لأهل الجنة، منها مقطّعاتهم وحللهم وتمرها أمثال القلال والدّلاء، أشدّ

[1] يروى عجز البيت بلفظ:
حدباء بادية الضلوع حرود والبيت من الكامل، وهو لقيس بن عيزارة الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص 598، ولسان العرب (ضرع) ، (هزم) وأساس البلاغة (حرد) ، وتاج العروس (ضرع) ، (هزم) ، وبلا نسبة في مقاييس اللغة 3/ 396، وديوان الأدب 1/ 414، والمخصص 10/ 201.
اسم الکتاب : تأويل مشكل القرآن المؤلف : الدِّينَوري، ابن قتيبة    الجزء : 1  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست