وَتَفْصِيلًا منّا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً.
وقد يكون أن تجعل (الذي) بمعنى (ما) أي آتينا موسى الكتاب تماما على أحسن من العلم والحكمة وكتب الله المتقدمة. وأراد بقوله: تَماماً على ذلك، أي زيادة على ذلك.
والتأويل الأول أعجب إليّ، لأنه في مصحف عبد الله: تماما على الذين أحسنوا. وفي هذا ما دل على ذلك التأويل.
وقد ينصرف أيضا إلى معنى آخر، كأنه قال: آتيناه الكتاب إتماما منّا للإحسان على من أحسن.
في سورة المائدة
إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (33) [المائدة: 33] .
المحاربون لله ورسوله: هم الخارجون على الإمام وعلى جماعة المسلمين، يخيفون السّبل، ويسعون في الأرض بالفساد. وهم ثلاثة أصناف:
رجل قتل النفس ولم يأخذ مالا.
ورجل قتل النفس وأخذ المال.
ورجل أخذ المال ولم يقتل النفس.
فإذا قدر الإمام عليهم فإنّ بعضهم يقول: هو مخيّر في هذه العقوبات، بأيّها شاء عاقب كل صنف منهم.
وكان بعضهم يجعل لكل صنف منهم حدّا لا يتجاوزه إلى غيره:
فمن قتل النفس ولم يأخذ المال قتل، لأن النفس بالنفس.
ومن قتل وأخذ المال: صلب إلى أن يموت، فكان الشّهر له بالصّلب جزاء له بأخذه المال، وقتله جزاء له بقتله للنفس.
ومن أصاب المال ولم يقتل، فإن شاء الإمام قطع يده اليمنى جزاء بالسّرق، ورجله اليسرى جزاء بالخروج والمجاهرة بالفساد. وإن شاء نفاه من الأرض.